صدى الشعب – راكان الخريشا
في ظل النمو المتسارع لقطاع النقل الذكي في الأردن، تتجه الأنظار إلى التعديلات الجديدة على نظام نقل الركاب باستخدام التطبيقات الذكية باعتبارها خطوة تنظيمية طال انتظارها لضبط السوق وترسيخ المنافسة العادلة، ورفع مستوى الأمان وجودة الخدمة المقدمة للمواطنين، وتأتي هذه التعديلات في لحظة حاسمة يعوّل فيها الأردن على التحول الرقمي كرافعة تنموية واقتصادية، ما يجعل قطاع النقل الذكي جزءاً رئيسياً من بنية التحديث الشامل.
وفي هذا السياق قالت هيئة تنظيم النقل البري، أن التعديلات التي أقرت أخيرا على نظام نقل الركاب باستخدام التطبيقات الذكية تمثل محطة مفصلية في تطوير قطاع النقل الذكي في الأردن، وبما يعزز جودة الخدمات ويرفع مستويات الأمان ويحقق العدالة بين الشركات والسائقين، ويحفظ حقوق الركاب باعتبارهم المستفيد الأول من هذه المنظومة.
وتابعت الهيئة في تصريحات خاصة لـ”صدى الشعب” إن تعديل النظام جاء تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الذي يؤكد أهمية تحديث التشريعات الناظمة لهذا القطاع الحيوي، وبما يضمن الامتثال ويعزز المنافسة العادلة، مشيرة إلى أن التحديثات استندت إلى تقييم شامل لأداء السوق خلال السنوات الماضية منذ بدء تطبيق النظام قبل نحو سبعة أعوام.
وشددت الهيئة على أن التعديلات ستنعكس إيجاباً على مستوى الخدمة من خلال ضبط عمليات الترخيص وتشديد الرقابة على الشركات والسائقين، إلى جانب تطبيق معايير مهنية صارمة تضمن تقديم خدمة احترافية ومتطورة للمواطنين، والجانب الأمني حظي بأولوية قصوى في النظام الجديد عبر إلزام مشغلي التطبيقات بأنظمة تتبع ومراقبة دقيقة وتوفير تدريبات متخصصة للسائقين للتعامل مع مختلف الظروف.
وكشفت الهيئة عن إلزام الشركات بإنشاء مراكز تدريب وتأهيل للكباتن، لضمان رفع كفاءتهم وتزويدهم بالمعرفة المطلوبة لتقديم خدمة راقية وآمنة، وستتابع الهيئة تنفيذ هذا البند عبر لجان تفتيش ورقابة ميدانية، ولن تمنح أي تصريح لسائق قبل حصوله على التدريب اللازم واعتماد مؤهلاته بشكل رسمي.
وحرص النظام كذلك على تعزيز الشفافية في تسعير الرحلات وآلية توزيعها بين السائقين، حيث ستمارس الهيئة دوراً رقابياً صارماً يشمل عمليات تفتيش دورية ومفاجئة على الشركات، والاطلاع على سجلاتها وأنظمتها التقنية، وطلب المستندات والبيانات، وصولاً إلى سحب نسخ من قواعد البيانات والبرمجيات إذا اقتضت الحاجة، وذلك لضمان التزامها التام بأحكام النظام وتعليماته.
وأوضحت الهيئة أن مكافحة التطبيقات غير المرخصة تمثل جزءاً رئيسياً من جهود التنظيم، حيث توجد لجنة مختصة بمتابعتها واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها، بما يشمل فرض المخالفات والتنسيق مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة لحجب التطبيقات المخالفة، حفاظاً على السوق وضماناً لحقوق المستخدمين.
وبينت الهيئة إصدار التعليمات التنفيذية الكاملة للنظام سيتم خلال مدة لا تقل عن شهر، بعد عرضها على ديوان التشريع والرأي، تمهيداً لاعتمادها نهائياً والشروع في التطبيق الميداني لجميع البنود وفق جدول زمني واضح يضمن انتقالاً سلساً ويُفضي إلى منظومة نقل أكثر تطوراً وكفاءة.
وشددت هيئة تنظيم النقل البري على أنّ نجاح المنظومة الجديدة لن يتحقق فقط من خلال التشريع والرقابة، وإنما عبر شراكة مسؤولة بين جميع أطراف القطاع، من شركات وسائقين ومستخدمين، والهيئة أنها منفتحة على مختلف الملاحظات التي تسهم في تحسين الخدمة، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد متابعة دقيقة للأثر الميداني للتعديلات، وتطويراً مستمراً لكل ما يتطلبه السوق من حلول تكنولوجية وتشريعية.
وأكدت الهيئة أن الأردن ماضٍ في تعزيز مكانته كنموذج إقليمي في النقل الذكي، وأن ما تحقق خلال السنوات الماضية يشكل أساساً متيناً للانطلاق نحو مستويات أعلى من التنافسية والجودة، بما يرسخ ثقة المواطن بالخدمات الرقمية الوطنية، ويرفع من كفاءة القطاع بوصفه رافعة تنموية واقتصادية تتماشى مع رؤية التحديث الشامل.






