صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في وقت يُعاد فيه هيكلة وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي لتصبحا تحت مظلة واحدة باسم وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية، تبرز تساؤلات حول مدى قدرة هذا الدمج على توحيد السياسات التعليمية، وربط جميع مراحل التعليم بسوق العمل، وتحقيق إدارة أكثر كفاءة للموارد البشرية، في خطوة تستهدف تطوير منظومة التعليم بما يتوافق مع متطلبات التنمية الوطنية.
العتوم: دمج الوزارتين يؤدي إلى تراجع مخرجات التعليم بدلاً من تحسينها
وفي هذا الإطار، حذرت النائب والخبيرة التربوية، الدكتورة هدى العتوم من أن مشروع دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي في وزارة واحدة تحت اسم وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية قد يزيد من تعقيد عمليات المتابعة والمراقبة والتطوير، مع إبقاء الكثير من التحديات دون حل، وسط مخاوف من تأثير هذا الدمج على جودة مخرجات التعليم في المملكة.
وأكدت، أن ضخامة الأجهزة الإدارية للوزارتين والمساحات التي تغطيها كل منهما تجعل من إدارة العملية التعليمية ضمن وزارة واحدة أمرًا صعبًا ومعقدًا للغاية.
وأشارت إلى أن تجارب مشابهة في بعض الدول العربية لم تحقق نتائج ملموسة، بل أدت في نهاية المطاف إلى إعادة فصل الوزارات بعد فشل التجربة.
وبحسب العتوم، لا توجد مبررات لإجراء هذا الدمج في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن الوزراء السابقين الذين تولوا وزارتي التربية والتعليم أو التعليم العالي عبروا جميعهم عن عدم مناسبة الدمج بين الوزارتين.
وأضافت أن القطاع الجامعي واسع للغاية ويشمل الجامعات الحكومية والخاصة والكليات المتوسطة والمؤسسات المرتبطة بها، مما يجعل الرقابة والإشراف على هذا القطاع مهمة معقدة تتطلب تركيزًا متواصلًا، وهي تختلف تمامًا عن التعليم العام الذي يهتم بالطالب والمعلم والمناهج المدرسية.
ولفتت إلى أن دمج الوزارتين سيتسبب في إدارة موارد بشرية ضخمة تمتد من التعليم الأساسي إلى الجامعات، مع تفاوت كبير في أهداف كل قطاع وطبيعة عمله، مما يزيد من صعوبة الإشراف وضمان الجودة.
واعتبرت أن الدمج في شكله الحالي لن يكون أكثر من إجراء شكلي، ولن يؤدي إلى تقليل المؤسسات أو تحسين الأداء، بل قد يزيد من التعقيدات ويؤدي إلى تقصير في معالجة القضايا التعليمية والإدارية.
وأشارت إلى أن استقلالية الجامعات تمثل تحديًا إضافيًا أمام الوزارة الجديدة، إذ تتطلب متابعة دقيقة للقضايا المختلفة بما في ذلك الاعتماد الأكاديمي والمناهج والمخرجات، الأمر الذي قد يصعب على أي وزير إدارة جميع الملفات في آن واحد.
وأضافت أن التركيز الحالي للوزارة على التعليم المهني وحده يشير إلى صعوبة التعامل مع بقية الملفات التعليمية بشكل متوازن، بما في ذلك التعليم الأساسي، والامتحانات الدولية، والجامعات، والتوظيف والاستثمار في التعليم العالي.
وأكدت أن دمج الوزارتين قد يؤدي إلى تراجع مخرجات التعليم بدلاً من تحسينها، مشيرة إلى أن ضعف نتائج التعليم العام والجامعي حاليًا يطرح تساؤلات حول قدرة الوزارة الجديدة على تحقيق أي تحسن، خاصة مع اتساع نطاق الفئات المستهدفة وعدد الطلاب والمعلمين والإداريين.
وأوضحت أن الفجوة بين طبيعة مهام التعليم العام والتعليم العالي تجعل من الدمج تحديًا كبيرًا، حيث تختلف أولويات كل قطاع وأهدافه ومسؤولياته اليومية.
وشددت على أن النجاح في إدارة أي قطاع تعليمي يعتمد على معرفة عميقة بطبيعة عمله واحتياجاته، مشيرة إلى أن أي وزير لا يملك خبرة ميدانية حقيقية في كلا القطاعين لن يكون قادرًا على فهم المشكلات وحلها بفعالية.
وأضافت أن خبرة الوزير في التعليم العام أو التعليم العالي فقط لا تكفي لإدارة وزارة موحدة، وأن النهج الأمثل هو الحفاظ على استقلالية كل وزارة مع تعزيز آليات التنسيق بينهما لضمان جودة المخرجات التعليمية وربطها بسوق العمل.
وأكدت أن دمج الوزارتين دون دراسة منهجية واضحة وبنية إدارية متكاملة قد يؤدي إلى زيادة التعقيدات، ويضعف قدرة الوزارة على متابعة جميع الملفات التعليمية، بما يؤثر على جودة التعليم، ويشكل تحديًا حقيقيًا أمام تطوير السياسات وتنفيذها بشكل متوازن.






