صدى الشعب – كتب: فيصل تايه
في حلقة استثنائية من بودكاست “ملهم” الذي تنتجه اذاعة الجامعة الأردنية، استضاف الإعلامي حسام المناصير شخصية وطنية بارزة ، تركت بصمة واضحة في مسيرة الأردن الحديثة ، فكان اللقاء مع معالي الدكتور محمد ذنيبات ، الذي فتح أبواب حياته أمام المستمعين، كاشفاً عن تفاصيل رحلة ملهمة مليئة بالإصرار والاثارة والتحدي والإنجاز ، فقد استطاع أن يصنع من نفسه شخصية قيادية متكاملة، تجسد الإبداع والالتزام والرؤية الواضحة ، فكانت رحلة تعليمية وإنسانية في آن واحد، مليئة بالدروس والعبر عن الصعود من الصفر إلى مواقع المسؤولية العالية ، ولنتعلم منه كيف يمكن للإصرار والعمل الجاد أن يحقق مستحيلاً ويصنع القادة الحقيقيين.
من يتابع هذه الحلقة من البداية إلى النهاية لن يكون مجرد مستمع ، بل سيشعر وكأنه يشارك هذا الرجل الاستثنائي كل خطوة من خطوات حياته ، اذ أتاح للمستمعين فرصة فريدة للتعرف إلى رحلته الشخصية والمهنية ، لذلك سيجد السامع نفسه مندمجاً تماماً في رحلة حياة معالي الدكتور محمد ذنيبات ، لما قدمه في هذه الحلقة من سردية شخصية لمراحل حياته، وطريقة تحقيقه للإنجازات الكبيرة التي ميزت مسيرته المهنية من بداياته المتواضعة وصولاً إلى أرفع المناصب القيادية والإدارية والتعليمية ، فأصبح نموذجاً يحتذى به لجيل كامل من القادة ، واصبح رمزاً للزعامة والإبداع في وطنه .
حين تابعنا اللقاء ، لاحظنا ان معالي “ابا المعتصم” قد بدأ حديثه قائلاً : “منذ أن بدأت في سلك التعليم ، كنت أطمح الى حداث تغيير حقيقي في مجتمعنا” ، فكانت هذه الكلمات مدخلاً لفهم رحلة رجل كرس حياته لخدمة وطنه، من خلال مواقع متعددة شغلها ، بدءا من التعليم وصولاً إلى المناصب القيادية ، ففي عالم السياسة والإدارة، وعندما تبرز شخصيات تترك بصمة واضحة في مسيرة الوطن ، تظل تجاربهم مصدر إلهام للأجيال القادمة ، خاصة من كان له حضور مميز في مختلف المواقع الوظيفية التي شغلها، تاركاً وراءه إرثاً من الإنجازات والتحديات التي واجهها بشجاعة وإصرار.
لقظ ظهر من حديث معالي الدكتور “محمد ذنيبات” كيف استطاع فرض نفسه وإثبات جدارته في جميع المواقع التي تولاها ، رغم ما واجهه من تحديات وصعوبات، وصولاً إلى القمم التي حققها في مجالات الإدارة والتعليم ، كما وان المشوق في الحلقة انها كانت مليئة بالحكايات الواقعية عن الكفاح والصبر والمثابرة ، مما جعلها تجربة مليئة بالإثارة والإعجاب لشخصية استطاعت أن تشكل نفسها بنفسها وأن تصبح رمزاً ، وواحداً من رجال الدولة الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الوطن.
وجب التذكير ان من المعروف ان الدكتور محمد ذنيبات ، من مواليد مدينة الكرك ، ويحمل شهادة الدكتوراه في العلوم الإدارية من جامعة ساوث كاليفورنيا، بالإضافة إلى شهادتي الماجستير في العلوم السياسية والإدارة العامة من نفس الجامعة ، وبدأ مسيرته في الجامعة الأردنية أستاذاً مساعداً للعلوم الإدارية، حيث أمضى أكثر من ثلاثين عاماً يؤثر في أجيال من الطلبة الذين أصبحوا لاحقاً قادة في مجالاتهم.
لقد تدرج الدكتور ذنيبات في المناصب الإدارية الحيوية ، حيث شغل عدة مواقع هامة ، منها : مستشار في رئاسة الوزراء ، ورئيس ديوان الرقابة والتفتيش الإداري، ووزير دولة لشؤون التنمية الإدارية ، ثم تولى منصب وزير تطوير القطاع العام ووزير دولة للشؤون البرلمانية ، حيث عمل على تطوير الأداء الحكومي وتعزيز الشفافية ، ووزير ثقافة ، ووزير بيئة ، ثم شغل منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات ووزيراً للتربية والتعليم ، حيث قاد جهوداً كبيرة في إصلاح النظام التعليمي في الأردن ، كما أنه وفي كل منصب تولاه ، أثبت جدارته وكفاءته، وساهم بشكل فعال في إرساء مبادئ الإدارة الحديثة.
وفي المجال الاهم “مجال التعليم” ، كان قد أطلق الدكتور ذنيبات مبادرة التوسع في “مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز”، والتي هدفت إلى تقديم تعليم نوعي للطلبة المتميزين ، مما يعكس اهتمامه بمزيد من تطوير التعليم وتوفير بيئة تعليمية حاضنة للإبداع والتميز ، وتعزيز روح الابتكار ، كما انه وعلى الصعيد الإداري، حصل الدكتور ذنيبات على عدة جوائز تقديرية ، منها : وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى ، ووسام الحسين للعطاء المميز من الدرجة الأولى ، تكريماً لمساهماته المتميزة في تعليم وحياة الأطفال في الأردن .
لم يقتصر أثره على التعليم فحسب، بل امتد إلى المجالات الاقتصادية والإدارية، إذ تولى رئاسة مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية، حيث قاد جهوداً لتحسين الأداء وتعزيز دور الشركة في دعم الاقتصاد الوطني وأصبحت قصة نجاح تروى.
ان هذه المحطات في مسيرة الدكتور محمد ذنيبات تظهر التزامه العميق بخدمة وطنه، وحرصه على تطوير المؤسسات التعليمية والإدارية والصناعية في الأردن ، فكان نموذج للقائد الذي يجمع بين الخبرة والرؤية، ويعمل بجد وإخلاص من أجل خدمة وطنه ومجتمعه.
في النهاية، معالي الدكتور محمد ذنيبات ليس مجرد رجل دولة، بل هو أسطورة حية من الالتزام والادارة والحكمة والحزم ، والتفاني والاخلاص التي تسعى دائماً لتحقيق الأفضل ، فترك بصمة واضحة في تاريخ الأردن الحديث، فكان مثالاً يحتذى به للأجيال القادمة، التي يمكنها أن تتعلم من رحلته كيف يصنع الإنسان نفسه ويحقق المستحيل بروح الإصرار والعطاء.
والله ولي التوفيق
مع تحياتي
