المصري : 80% من مساحات الزيتون في الأردن بعلي
العواران: يساهم في رفع جودة وإنتاجية الزيتون البعلي رغم تقلبات الطقس
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
قال خبراء في القطاع الزراعي إن محصول الزيتون البعلي في الأردن شهد تراجعاً ملحوظاً خلال موسم 2024/2025، نتيجة نقص الأمطار والإجهاد المائي الذي أثر سلباً على معدل عقد الثمار وجودة الزيت.
وبينوا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” أن هذه التحديات تأتي في إطار التغيرات المناخية التي أدت إلى مواسم مطرية غير منتظمة وارتفاع درجات الحرارة، مما يفاقم من ضعف الإنتاج الزراعي ويهدد استدامته.
وأشاروا إلى أن الري التكميلي يعد من الحلول الأساسية لتعويض نقص المياه في مراحل حرجة من نمو الزيتون، مثل فترة عقد الثمار ونموها، ويساهم في زيادة جودة وكمية الإنتاج الزراعي.
كما حذروا من تداعيات غياب الدعم المناسب للمزارعين، خاصة مع ارتفاع تكاليف المياه والطاقة، مؤكدين على ضرورة إيجاد حلول مستدامة لضمان مستقبل القطاع الزراعي في الأردن.
وكانت نقابة أصحاب معاصر الزيتون ومنتجي الزيتون، دعت إلى تطبيق الري التكميلي في بساتين الزيتون في المناطق التي يقل فيها معدل الأمطار السنوي عن 400 ملم، نظراً للظروف الجوية السائدة من ارتفاع في درجات الحرارة وانخفاض في الموسم المطري.
الكلفة لري دونم واحد تتجاوز 600 دينار بالموسم
وأكد وزير الزراعة السابق سعيد المصري أن نقص الأمطار خلال موسم 2024/2025 أدى إلى تراجع ملحوظ في إنتاج الزيتون البعلي في الأردن، مشيرًا إلى أن ذلك يعود إلى انخفاض معدل عقد الثمار وتساقط الأزهار بسبب الإجهاد المائي، بالإضافة إلى ضعف نمو الثمار وانخفاض نسبة الزيت فيها.
وأوضح المصري خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هذه الظاهرة تُعد نتيجة مباشرة للتغيرات المناخية، التي باتت تتسبب في مواسم مطرية غير منتظمة ودرجات حرارة مرتفعة.
أوضح أن الري التكميلي يُعد أحد الحلول الأساسية لدعم إنتاج الزيتون في ظل التغيرات المناخية، لافتاً ألى أن الري التكميلي هو تزويد الأشجار بمياه ري خارجية في مواسم الجفاف، أو حين لا تكفي الأمطار الموسمية لتلبية احتياجات النمو.
وأشار إلى أن الري التكميلي يُستخدم في مراحل حرجة، مثل فترة عقد الثمار (نيسان – أيار) وأثناء نمو الثمار (حزيران – تموز)، ويهدف إلى دعم الإنتاج في السنوات التي تشهد شُحًا في الأمطار.
وبيّن أن الري التكميلي يُساهم في تحسين عقد الثمار، وتقليل تساقطها، ونمو الثمار وزيادة حجمها، إلى جانب رفع نسبة الزيت وجودة المحصول، فضلاً عن دوره في استقرار الإنتاج وتقليل ظاهرة المعاومة (الإثمار المتناوب).
وحول كميات المياه المطلوبة لري الزيتون البعلي، أوضح المصري أن الكميات التقديرية تتراوح بين 200–400 متر مكعب للدونم سنويًا، موزعة على 2–3 دفعات، وذلك وفقًا للظروف المناخية.
وأشار إلى أن الكميات تختلف حسب كمية الأمطار المتساقطة، ونوع التربة، وعمر الأشجار، والموقع الجغرافي، موضحًا أن المناطق الجافة تحتاج كميات أكبر من غيرها.
وعن أبرز التحديات التي تواجه المزارعين، لفت المصري إلى عدم وجود مصادر مياه دائمة في معظم مناطق الزيتون البعلي، ما يدفعهم للاعتماد على الصهاريج كخيار وحيد لنقل المياه، وهو ما يرفع الكلفة بشكل كبير.
وقال إن سعر المتر المكعب المنقول بالصهريج يصل إلى 2 دينار، وهو مكلف جدًا، مشيرًا إلى غياب الدعم الموجه لري الزيتون البعلي، فضلًا عن صعوبة إيصال المياه إلى أراضٍ جبلية أو نائية.
وفي ما يخص البنية التحتية، قال إنه لا تتوفر بنية تحتية مائية كافية في مناطق الزيتون البعلي، موضحًا أن الخزانات والحفائر الترابية محدودة، وإن وُجدت فهي لا تكفي للاحتياجات الفعلية.
وأشار المصري خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن شبكات الري غير عملية في تلك المناطق بسبب انعدام مصادر المياه الثابتة.
وبخصوص تكلفة توفير المياه، أكد أن التكلفة مرتفعة جدًا، حيث يبلغ سعر المتر المكعب من المياه المنقولة بالصهاريج نحو 2 دينار، موضحًا أن الكلفة الإجمالية لري دونم واحد قد تتجاوز 600 دينار في الموسم، وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على المزارع.
وأضاف أنه لا توجد برامج حكومية شاملة تدعم الري التكميلي بشكل مباشر، مع وجود فراغ تمويلي واضح لهذا النوع من الزراعة.
وأشار إلى أن الزيتون البعلي يشكل نحو 80% من إجمالي مساحات الزيتون في الأردن، لافتًا إلى أن الزيتون يحتل مساحة تقارب 1.2 مليون دونم، أغلبها في مناطق بعلية غير مروية.
وأكد أن الزيتون يُعد من أهم المحاصيل الدائمة في الزراعة البعلية مقارنةً بباقي الأشجار المثمرة والمحاصيل الموسمية.
غياب الدعم الحكومي يعرقل توسع الري التكميلي
من جهته حذّر مدير عام الاتحاد الأردني للمزارعين، المهندس محمود العوران، من تأثيرات التغيرات المناخية التي باتت تهدد الإنتاج الزراعي في الأردن، لا سيما محصول الزيتون البعلي الذي يعتمد بشكل رئيسي على مياه الأمطار، مؤكداً أن الموسم الحالي يُعد من أصعب المواسم التي تمر بها زراعة الزيتون في بعض مناطق المملكة.
وأوضح العوران لـ”صدى الشعب” أن التغيرات المناخية لا تقتصر فقط على انحباس الأمطار، بل تشمل مجموعة واسعة من الظواهر المناخية غير المستقرة، من بينها ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة بشكل مفاجئ، وتعرض الأشجار لأمطار غزيرة أو موجات برد في بدايات فصل الربيع، فضلاً عن الفيضانات والصقيع، وهي عوامل تؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
وأضاف أن الفيضانات على الرغم من أنها تجلب المياه تؤدي إلى خسائر في الزراعة البعلية، خصوصاً عندما تُزيل الأسمدة العضوية التي يضيفها المزارعون لأشجار الزيتون، ما يؤثر سلباً على خصوبة التربة وقدرة الأشجار على امتصاص العناصر الغذائية الضرورية.
وفيما يخص الموسم الحالي، أشار إلى أن زراعة الزيتون شهدت تفاوتاً كبيراً بين المناطق، حيث بدت الأشجار بحالة جيدة في بعض المناطق، في حين تضررت بشكل ملحوظ في مناطق أخرى، بسبب موجات حر خلال شهر آذار تزامنت مع فترة الإزهار، إضافة إلى غياب الأمطار المنتظمة، وتساقط أمطار غزيرة ترافقت مع برد، ما أدى إلى تلف الإزهار وتأخر عقد الثمار.
وبيّن أن الري التكميلي يُعد من الحلول الأساسية للتعامل مع هذه الظروف المناخية غير المستقرة، حيث يُستخدم لتعويض نقص المياه في الزراعات البعلية، مشيراً إلى أن الري لا يُطبق فقط عند انحباس الأمطار، بل أيضاً عندما تكون الهطولات غير منتظمة، مثل هطول كثيف في شهري تشرين الثاني وكانون الأول وغياب المطر في كانون الثاني، ما يستوجب التدخل بري تكميلي.
وأكد أن الري التكميلي يرفع من رطوبة التربة، ويُحسّن امتصاص العناصر الغذائية، ويُعزز النمو الخضري للأشجار، ما يسهم في تحسين عقد الثمار وزيادة الكمية والجودة في إنتاج الزيتون البعلي. لكنه شدد على أن احتياجات الري تختلف من منطقة إلى أخرى بحسب طبيعة الموسم.
وتطرق إلى التحديات التي تواجه المزارعين، أبرزها ارتفاع أسعار الطاقة والمياه، إذ تصل تكلفة شراء المياه من أصحاب الآبار إلى دينار للمتر المكعب الواحد، ما يزيد من عبء الإنتاج على المزارعين، خاصة من لا يمتلكون شبكات ري بالتنقيط أو خزانات لجمع المياه.
وأشار إلى أن الحصاد المائي يتطلب طبوغرافية خاصة للأراضي الزراعية، وأن تكلفة إنشاء أنظمة ري حديثة تختلف من شركة إلى أخرى بحسب الجودة، مع غياب أي دعم حكومي أو تمويل للمزارعين في هذا الجانب.
واكد على ضرورة دعم المزارعين، وتوفير حلول عملية ومستدامة لمواجهة التغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل واضح على مستقبل الزراعة والإنتاج المحلي في الأردن.