الدكتور محمد عبد الستار جرادات
من منا لم يتألم مما يحدث في قطاع غزة المحاصر والذي دوت صرخته العالم منذ اليوم الأول للحرب عليه من قبل الكيان الصهيوني الى يومنا هذا، ومن منا لم يطالب المجتمع الدولي والعالم ولو بتغريدة لتدخل لإنقاذ حياة اكثر من 2 مليون شخص داخل هذا القطاع وتخليصهم من خطر الموت جوعا او قصفا.
هذه الظروف الصعبة والقاهرة التي يعيشها قطاع غزة بات من الضروري والحتمي على المجتمع الدولي إيجاد حل حقيقي يمكنه ضمان الوصول الإنساني الآمن والمستدام لجميع المحتاجين في أنحاء قطاع غزة وبأي شكل من الاشكال، وفتح المزيد من نقاط الوصول وطرق الإمدادات البرية إلى غزة، بما في ذلك شمال القطاع المنكوب.
دخول الحرب شهرها السابع في قطاع غزة، هي كارثة حقيقية في ظل تذبذب وقلة عملية وصول المساعدات الإنسانية لسكانها، وذلك نتيجة لإغلاق الكيان الصهيوني لجميع المعابر الموجودة والرافدة لغزة وشمالها، والتي تعتبر هذه المعابر هي شريان الحياة لها، علاوة على ان فرض الحصار الشامل والمحكم على القطاع اصبح امرا خارج عن السيطرة ولم يخففه الكيان إلا جراء الضغط الدولي والذي سمح بإدخال بعض العمليات الإنسانية للسكان هناك خوفا من المجتمع الدولي جراء تفاقم الوضع الإنساني المدمر والكارثي في غزة.
تحذر منظمات إغاثية، من أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة، لا تغطي سوى 10 بالمئة من احتياجات سكان القطاع وإصرار الكيان على موقفها الرافض لفتح أي منافذ او معبر بري لدخول المساعدات للقطاع أو حتى أي سلعة غذائية من جانبها كما كان الحال في السابق، او إيجاد أي ممرات اخرى إضافية يمكنها ان تخفف على المدنيين المحاصرين في القطاع على الأقل، والذي جعل من غزة مدينة منكوبة ومدمرة بشكل لا يصدق.
الإصرار على اغلاق المعابر كانت نتيجتها تكدس عشرات لا بل مئات الشاحنات على الجانب المصري في انتظار أن تفتح أبواب المعابر وهذا ما جعل الحياة في غزة مستحيلة كون القطاع يعتمد جميع سكانه تقريباً على الشاحنات القادمة عبر الحدود من أجل البقاء على قيد الحياة إلا أن القطاع وصل اليوم الى كارثة شبح المجاعة للأسف.
ولو نظرنا إلى ما تفعله الوكالات الإنسانية الآن في غزة من مساعدات فإنه ليس كافيا كون حجم الكارثة كبير وعدد المواقع التي يتم الوصول اليها من قبل تلك المنظمات محدود، في المقابل من الممكن ان يتم إيقاف هذا الانزلاق والتدحرج نحو هاوية المجاعة والموت، بأن يتم إطلاق عملية إنسانية ضخمة من جميع الوكالات الإنسانية بشكل جماعي والضغط على الجانب الإسرائيلي للسماح بوصول امن لتلك المساعدات، وهذا لن يكون إلا اذا حدث ضغط دولي لوقف إطلاق النار.
فالكيان الصهيوني لدية خطط خبيثة لعرقلة دخول المساعدات إلى المدنيين في غزة ويجب التنبه لها ووقفها والضغط عليه لمنع ذلك كون العرقلة التي يتبعها تتكون من ثلاث مراحل الأولى وهي تفتيش الشاحنات قبل دخولها لغزة والثانية تزايد رفض المواد المرسلة الى داخل القطاع والثالثة الاستمرار في القصف الذي يستهدف المدنيين.
اما فيما يخص الممر البحري وغيره من المقترحات التي اعتقد انها ليست سوى محاولات بائسة لتهجير الفلسطينيين خارج غزة وزجهم للهجرة الطوعية للهروب من الجوع والموت، فإن عدم وصول المساعدات إلى شمال القطاع في ظل استمرار القصف الإسرائيلي، سيجعل غزة مكانا للموت واليأس فقط لا غير وعلى العالم ان ينتبه جيدا انه حكم على غزة وشعبها بالموت الجماعي نتيجة هذا السكوت المطبق المجحف بحق الانسانية.