صدى الشعب – كتبت م.أمــاني تيسيــر عبد الكريم الخلايلـــة
عالم السياسة غريب ومليء بالاستراتيجيات والمسلمات ترتكز على المصالح فقط، إحداها التخلي عن الأذرع والحلفاء وهو جزء رئيس من الديناميكية التي تحكم التحالفات بالمجمل، لتقودنا إلى تعريف العلاقة مابين اسرائيل وايران التي تندرج تحت مصطلح التخادم الوظيفي في المرحلة الحالية على الأقل.
إيران وعبر العقود الماضية عززت نفوذها إقليميًا عبر منظمات انشأتها لحماية مصالحها واستخدامها لتمرير أجنداتها ضمن هذا التخادم في المنطقة والضغط لتحصيل اكبر مكاسب!
ومع انقضاء عهد التفاهمات القديمة بين الجانب الإيراني والإسرائيلي فإن التخلي الإيراني عن أدواتها مع انتهاء دورها الوظيفي حان وقته، وعلى رأسها حزب الله والحوثي وبيعه بثمن بخس لإسرائيل.
نهر الليطاني
نهر الليطاني يشكل حاجزًا طبيعيًا يوفر نوعًا من الحماية الجغرافية، وبعد صدور القرار المرتقب من الكابنيت على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان والذي سيمكن إسرائيل من دفع حزب الله إلى شمال الليطاني، مما سيمنح إسرائيل عمقًا استراتيجيًا يتيح لها إنشاء منطقة عازلة تمكنها من حصر التهديدات المباشرة على التجمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود مستقبلًا كالاختراقات والهجمات قصيرة المدى.
كما سيترتب عليه، تفكيك البنية التحتية لحزب الله جنوب لبنان، ومنع تسليحه، بل وحصاره لبنانيًا عبر الجيش ودوليًا باليونيفيل والولايات المتحدة الأمريكية مما يعطي السماحية مستقبلاً للتحرك العسكري الإسرائيلي في لبنان بشكل كامل.
من جانب استثماري، ستوظف إسرائيل المنطقة المحيطة بنهر الليطاني كمورد مائي طبيعي وممر حيوي واستغلالها كمحمية طبيعية إقليمية مما يعزز الجانب السياحي الإسرائيلي مستقبلًا في المنطقة، ويخلق فرص عمل جديدة تُعزز التعاون للمجتمعات المحلية.
إن عهد المواثيق ومصطلحات “وحدة الساحات ،جبهات الاسناد، طريق القدس،حيفا وما بعد حيفا ومحور المقاومة” كلها انتهت وتم دكها وسحقها، لتبقى غزة ملفاً منفصلاً سواء بوجود حزب الله والحوثي أم عدمه، وليعلم الجميع أن هذه الأدوات ومنذ الأزل لما تخدم يومًا القضية الفلسطينية وغزة.
أجندات المرحلة القادمة
إن المرحلة القريبة المقبلة سيتم التركيز على الوجود الإيراني الذي بات يتمرد في الخفاء على دوره التخادمي لصالح أقطاب معادية للكيان وحلفاءه وربما تصفيته.
وفيما يتعلق بالكيان، سيتم إعادة ترتيب أوراق الداخل الإسرائيلي ومؤسساته وقوته العسكرية وتجديد احتياطاته ومخزونه من الذخائر، يتزامن معه استكمال ملف غزة وضم الضفة، لتهيئة المنطقة أمنيًا بالتخلص من كافة الحركات المسلحة، وبدء كُبرى المشاريع الإقتصادية القادمة من القطب الأمريكي وواجهته “الكيان الوظيفي الإسرائيلي” تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد” باستراتيجية عمادها ثلاثة محاور رئيسة أولها إضعاف دول الطوق من كل الجوانب وتقسيم الدول الكبرى لعدة دويلات والاستحواذ على جميع الممرات المائية وموارد الطاقة مستقبلًا.
مشروع حالم بتعاون إقليمي يقوده القطب الأمريكي لمواجهة هيمنة التنين الصيني الإقتصادي المتسارع عالميًا، ولنخلُص أن الشرق الأوسط بات مرتعًا خصب لصراع الأقطاب.