صدى الشعب – كتبت د. روان سليمان الحياري
تتوالى توترات الإقليم في مرحلة دقيقة لتنبيء بحتمية إعادة صياغة خرائط النفوذ والوجود فلن يكون إقليم السابع من أكتوبر كما قبله، يبذل فيه الأردن ما بوسعه من جهود سياسية و ديبلوماسية حصيفة تأخذ بعين الاعتبار موقعه الجيوسياسي ورفضه التام لأن يفرض عليه أن يكون طرف في حالة من الفوضى الدائرة في الإقليم، والتي وصلنا لها كنتيجة حتمية لتلاشي أفق الحل السياسي التوافقي، العادل، الواضح، والمستدام للقضية الفلسطينية بشكل يحقن الدماء ويصون السلم العالمي. صراع اتسعت محاوره فلم يعد يقتصر على اسرائيل و ايران بل أصبح الحلفاء جزء أصيل من هذا الصراع الذي تتراوح فيه مصالح أطرافه الاستراتيجية في إطالة أمد الحرب واتساع محدود لها، وسط محاولات لهدنة متعثرة لغاية الانتهاء من أدنى الأهداف الاستراتيجية في غزة لتسويات معلنة وأخرى غير معلنة.
على الصعيد المحلي وكأي جزء من العالم الذي يعاني تراجعاً اقتصادياً عالمياً جراء جائحة كورونا وتبعات الحرب الروسية الاوكرانية و غزة والإقليم، ثمة أعباء وتبعات مباشرة وواضحة على الاقتصاد الاردني تستدعي التحرك الفوري وإعادة ترتيب الأولويات ووضع خطط تصحيحية، لا نملك معها ترف الوقت، فإغلاق 35 فندق و تسريح 371 عاملاً فيها ليس خبراً عابراً و التراجع الملحوظ في حركة البواخر وعدد الحاويات الواردة والصادرة الى العقبة -في ميناء هو الأكثر استقراراً في محيطه-بحوالي الثلث خلال الربع الثاني من 2024 جراء عدم الاستقرار في الاقليم من جهة وارتفاع أجور الشحن وكلف الاستيراد وضعف القوة الشرائية في ظل ارتفاع أسعار الأغذية في الأردن حسب ـأحدث احصائيات البنك الدولي- والاعتمادعلى المخزون المتوفر، في ظل استمرار أعباء اللجوء مع انخفاض المساعدات النقدية لللاجئين وبرنامج الاغذية العالمي، هي حاجات وطنية تنتظر حلولاً عملية وسريعة.
إنّ الشراكات الاستراتيجية التي تأخذ المصالح الوطنية العليا بعين الاعتبار جزء مهم من الحل الاقتصادي، فالمضي بمشروع الناقل الوطني خطوة استراتيجية مهمة وحاجة وطنية بعيدة الامد، نتوقع من خلاله مساهمة لرأس المال المحلي والبشري في فرصة استثمارية وتشغيلية بهوامش ربحية معقولة، تضمن جودة المياه ومعقولية كلفتها على المواطنين و فاتورة الدعم الحكومي، فتبعاتها الإستراتيجية بشكل مدروس ستمتد لعقود…حتى لا نعيد كرة مشروع العطارات!
لن تقتصر تداعيات التوترات في الإقليم على أطراف النزاع وحلفائهم وحسب، فالخسائر الإنسانية والإقتصادية، وتهديد السلم العالمي، وايجاد جبهات حرب استنزاف وبؤر صراعات ساخنة ستفضي حتماً الى المزيد من العنف ونشط تجارة الحرب في الإقليم كالمخدرات وأدوار الارهاب، وتقويض الوضع الاقتصادي الذي يعاني أصلا من عرقلة التنمية على العالم ككل، بما فيها سيناريوهات إعادة الإعمار واليوم التالي وهذا هو التحدي الحقيقي المنتظر.