صدى الشعب- في سبيل تحقيق النجاح في سوق العمل، يعتبر التفاوض على الراتب خطوة حاسمة لتحديد قيمة العمل وتحديد مدى استفادة المرشح من الفرصة المقدمة.
تعد مقابلة العمل المناسبة لطرح هذا الموضوع بشكل استراتيجي أمراً ذا أهمية كبيرة لضمان تحقيق توازن مثالي بين القيمة الاقتصادية للعمل والمتطلبات المالية للموظف.
في ظل هذا السياق، يتضمن النجاح في التفاوض على الراتب عدداً من الخطوات الحيوية، إذ ينبغي على المرشح أولاً أن يقوم بدراسة السوق المحلية للرواتب في المجال المهني الذي يستهدفه، وذلك من خلال استشارة تقارير الأبحاث والمواقع المختصة.
كما ينبغي له أن يحدد النطاق المعقول للراتب بناءً على مستوى الخبرة والمؤهلات الخاصة به.
علاوة على ذلك، يتعين عليه أن يكون مستعداً لطرح موضوع التفاوض بثقة خلال مقابلة العمل. يمكن أن يكون لديه استراتيجيات تفاوض محددة، مثل تقديم أمثلة واضحة عن أدائه وقيمته المضافة للشركة، وذلك لإبراز سبب تحديد راتب أعلى.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون المرشح مستعداً للتفاوض بشكل بناء ومحترف، مع الاستماع بعناية لمرتبات الشركة والمرونة في العروض المالية.
بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” الأميركية، فإنه عند إجراء مقابلات للحصول على وظيفة، فإن غالبية الأميركيين يفوتون خطوة واحدة حاسمة، وهي: التفاوض على رواتبهم المستقبلية المحتملة.
يقول أكثر من النصف، 58 بالمئة من الرجال و61 بالمئة من النساء، إنهم لم يطلبوا رواتب أعلى في المرة الأخيرة التي تم فيها تعيينهم، وفقًا لمركز بيو للأبحاث .
وفي هذا السياق، يقدم نولان تشيرش، وهو مسؤول التوظيف السابق في Google والرئيس التنفيذي الحالي لشركة بيانات الرواتب FairComp ، نصائح ثمينة في كيفية التفاوض للحصول على المزيد من الأجر أثناء مقابلة العمل.
ويتحدث بداية عن المعايير الأساسية التي تقدم الشركات من خلالها عروضها: عادةً ما تبدأ الشركات التفاوض على العرض في أسفل النطاق (الحد الأدنى).
تنظر الشركات إلى المكان الذي يقعون فيه ضمن نطاق الرواتب؛ هل يدفعون أكثر من معظم الشركات، أو نفس المبلغ، أو أقل – ومقدار الإجازة المدفوعة التي تقدمها، وما إلى ذلك.. كل من هذه العناصر تلعب في حساباتهم. عندما تحدد الشركات نطاقات الرواتب الخاصة بها، فغالبًا ما يكون لديها “المستويات من الأول إلى العاشر”.
يمكن أن تنعكس المستويات في العناوين ولكنها ليست دائمًا بهذا الوضوح.
ويعطي مثالاً على دور مهندس البرمجيات، الذي يمكن أن يقوم به كل من الأشخاص الذين تخرجوا للتو من الجامعة والأشخاص الذين عملوا لعقود من الزمن.
ويقول: إن معرفة المستوى المحدد الذي وصلت إليه سيشير إلى مستوى الأقدمية الذي تعتقد الشركة بأنك تتمتع به، وبالتالي نوع الراتب الذي تعتقد أنك مؤهل له.
وفيما يخص بطريقة التفاوض على العرض، يقول: بمجرد أن يقدموا لك العرض ويجيبوا على أسئلتك، أخبرهم: “أنا متحمس حقًا لهذا العرض.. أعطني بضعة أيام للمعالجة وسأعود إليك”.
تحقق من مواقع مثل Levels وشركة FairComp ، والتي يمكنها تقديم بيانات حول الرواتب والمستويات.
اعتمد على المحادثات في شبكتك أيضاً (استشارة المعارف).
عندما تعود إلى صاحب العمل المحتمل، قل شيئاً مثل: (..) أنا متحمس حقًا.
أريد الانضمام، إذا تمكنت من الوصول إلى هذا الرقم… سأوقع اليوم”.
قد يعودون إليك ويقولون نعم، وقد يعودون إليك ويعرضون عليك مبلغًا أقل قليلاً، وقد يعودون إليك ويقولون لا تماماً.
بدوره شدد الخبير في العلاقات العامة والإدارة، إيهاب كاسب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” على ضرورة قيام الباحث عن العمل في البداية بتحديد القيمة التي يستحقها مقابل ما يمتلك من خبرات، وبناء على ذلك تبدأ عملية البحث عن أماكن العمل المناسبة والتي من خلالها يمكن تحقيق التكافؤ بين إمكانات وخبرات الباحث عن العمل وبين الراتب والامتيازات التي تقدمها الشركات.
أضاف: على سبيل المثال شركات البرمجة تتفاوت الأجور في بعضها (..) بخلاف الامتيازات التي تقدمها.. لكن وبكل تأكيد متطلبات كل مؤسسة من موظفيها سواء على مستوى المهارات والخبرات مختلفة كليًا.
وأشار إلى أن نصيحته الأولى تتمثل في معرفة القدرات والمهارات العملية والخبرات المهنية التي يمتلكها الباحث عن العمل، حيث يتعين أن تكون مقيمة تقييماً موضوعياً حتى يتسنى له تحديد مكان العمل المناسب أولاً، فإذا نجح الباحث عن العمل في الوصول الى مؤسسة تعادل خبراته هنا ستكون المفاوضات طبيعية ومنطقية لأن الاختلافات لن تكون جوهرية وإنما هي لغرض حصد مكاسب أو امتيازات أكثر يسعى الباحث عن العمل لتحقيقها وهي مشروعة جداً.
مصلحة متبادلة واستطرد: إن جميع المؤسسات والشركات على اختلاف أحجامها تفكر بذات المنطق الذي يفكر به الأفراد العاديون، الذين يبحثون عن المؤسسة التي تمنحك تقديراً مادياً و معنوياً وتمنحك الامتيازات المختلفة، هي أيضًا تبحث عن موظفين أكفاء قادرين على الدفع بالمؤسسة للأمام نحو تحقيق المزيد من النجاحات، وبالتالي مسألة التفاوض لن تكون أبداً حجر عثرة في طريقك نحو البحث عن مكاسب مادية من المؤسسة، بشرط أن تكون في المكان المناسب لما لديك من مهارات وخبرات.
وشدد على ضرورة معرفة الباحث عن العمل الكثير عن المؤسسة، وطبيعة العمل فيها وحجم أعمالها بالنسبة للسوق ومستوى الخدمات التي تقدمها للعملاء فضلًا عن متوسط الأجور الذي تمنحه المؤسسة لموظفيها على اختلاف الدرجات الوظيفية، إذ يتعين أن يكون التفاوض لغرض كسب مساحة أكبر وليس لغرض تغيير جذري للعرض، ولذلك يجب معرفة مدى إمكانية التفاوض ومعايير حساب الأجور في الشركة والامتيازات التي تقدمها الشركة إلى جانب الراتب مثل (نظام التأمين والإجازات والمكافآت والهدايات ومرونة العمل) بعد كل هذه المعلومات يستطيع الباحث عن العمل النجاح في المفاوضات من خلال التالي: الاستعداد النفسي والذهني الجيد للتفاوض.
الإعداد المسبق لمقابلة التفاوض برؤية عمل “خطة”.
التأكد أن التفاوض ليس صراعاً، وبالتالي يمكن أن يحصل طرفا المفاوضات على مكاسب.
لا تقلب النقاش إلى عداوة واجعله دائماً ودوداً.
استخدم المفردات الإيجابية في التفاوض. التحدث دائمًا عن ما يميزك (مهاراتك الفريدة).
الثقة بالنفس واستعراض ما لديك من تجارب وخبرات يمكنك أن تفيد بها الشركة.
التحدث عن قدرتك في الاستفادة من خبرات الشركة لتحقيق طفرة إيجابية. تحديد أهداف المفاوضات مع فتح الباب لتقديم عرض آخر من قبل الشركة. إمكانية طلب امتيازات حالية وأخرى مستقبلية.
وفي ذات السياق، أوضح مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن: الإعداد الذاتي للفرد وسيلة هامة لخلق مسارات مميزة له في المجال العملي خلال مستقبله، بداية من التعليم وتطوير المهارات بصورة مستمرة والإطلاع على أحدث الابتكارات في المجال الوظيفي الخاص به.. جميعها عوامل تدعم الشخص ومستويات راتبه مستقبلاً.
هناك مجموعة من العوامل المحيطة أيضًا تؤثر على مسار التفاوض على تحديد الراتب قبل الدخول في إجراءات التعيين متمثلة في عدد السكان بالدول، حيث ينعكس على معدلات توافر القوى العاملة من عدمها.. على سبيل المثال دول الاتحاد الأوروبي عدد سكانها أقل من المنطقة العربية وهو ما يؤدي إلى توجهها نحو استقطاب عمالة من الخارج براتب أعلى مقارنة بتلك الدول.
وأشار إلى وجود عناصر أخرى تؤثر على تحديد الراتب تتعلق بالمهارات والتعليم، والتي تمثل محوراً حيوياً في خلق مسار مناسب للفرد في قطاعات ذات دخل مناسب مقارنة بقطاعات أخرى، موضحاً أن مؤشرات التعليم ومدى جودتها في بعض الدول في ضوء توافر الموارد ومعدلات التخصيص للارتقاء بجودة التعليم وإدخال الذكاء الاصطناعي تسهم في رفع معدلات الرواتب بصورة كبيرة.
ولفت إلى أن محددات التعليم تعد المحور الحيوي المؤثر على مستوى تحديد الراتب، لذلك يعتبر العمل على تنمية المهارات الشخصية والعملية بصفة مستمرة أداة ضرورية قبل الانخراط في أي مجال عملي جديد.
وأشار مدير مركز رؤية للدراسات إلى وجود معايير أخرى تؤثر أيضًا على عملية التفاوض بشأن تحديد الراتب تتمثل في طبيعة المجال الوظيفي محل التفاوض، هل يحقق طفرات إنتاجية تنعكس بدورها على نمو أرباح شركاته وبالتالي ترتفع مستويات الراتب به، أم قطاعات محدودة لا تنعكس على مستويات الراتب النهائية.