خالد خازر الخريشا
حوران عبارة عن إقليم جغرافي متكامل يضم الهضبة الواقعة بين حوض دمشق في الشمال ومنخفض وادي اليرموك وجبال عجلون ومنخفض وادي الأزرق ووادي السرحان في الجنوب والجنوب الشرقي كما تمتد بين جبل الشيخ وهضبة الجولان في الغرب والجنوب الغربي والبادية من الشرق ولقد كانت حوران تضم جبل العرب وجبل الجادور وجبال اللجاه وجبال الجولان وسهل عجلون وسهل حوران وسهل النقرة.
لقد تراجع الأردن بشكل كبير عن زراعة القمح بسبب السياسات والتشريعات المعلبة التي جاءتنا من الخارج حيث قوانين استصلاح الاراضي وقوانين قروض البنوك التي سهلت للناس في البوادي والأرياف لتسهيلات القروض من اجل البناء وكذلك سياسات الدول الخارجية للقضاء على زراعة القمح فكان الاردن من أوائل البلاد التي تصدر القمح وأصبحنا للأسف من اوائل لدول للمستوردين لهذه المادة الاساسية في الأمن الغذائي وصرنا تابعين للدول بخصوص استيراد القمح علما بأن هناك أراضي زراعية شاسعة خالية لو استغلت في زراعة القمح لاكتفينا ذاتيا لا بل ولصدرنا القمح الى الدول العربية الشقيقة كما كنا في السابق .
اليوم نرثي حالنا وأحوالنا عندما كان القمح قمحنا والفرن من صنع جداتنا من تراب بلدنا وليس مستورد وكلنا يتذكر القصص المؤلمة لشحنات القمح الفاسد ومن حقنا اليوم ان نبكي على حال الوطن وحالنا ،حيث شحنات القمح المستورد التي لا نعلم مصدرها وصلاحيتها للغذاء لا بل أصبحنا نتباهى ونعرض الغربال والمحراث والشاعوب والرحي في دور العرض الثقافية الفولكلورية ونقيم لها الايام لاحتفالية .
منذ استشهاد وصفي التل أصبحت الحكومات تحارب القطاع الزراعي من خلال فتح التنظيم على الأراضي وبدلا من التوسع إلى الشرق بتنا نتوسع على حساب الأراضي الزراعية المعطاء وبالتحديد سهل حوران في اربد والرمثا وغرب عمان وبيادر وادي السير ، الرئيس الفلاح وصفي التل يقف متأملًا سهول حوران الخصيبة متحمسًا حالمًا كما كان يريد أن يحقق المستحيل ويقول أنه سوف يطعم بلاد الشام والعراق من قمح الأرض هذا إن أمده اللّه بالعمر المديد ، سياسة الاستصلاح الزراعي تبناها وصفي التل قبل حوالي نصف قرن والمشروع الوطني للتل قام على ركائز وطنية قوية : نهضة الريف والإصلاح ألزراعي ومجانية التعليم والصحة وتحالف الدولة مع ابناء الحراثين وبناء تحالفات اجتماعية بعيدا عن الجهوية والطبقية والفئوية والايدولوجيا، وتوسيع الطبقة ألوسطى وتقوية الاقتصاد الزراعي ومحاربة الفساد .
الزحف العمراني او الكتل الخرسانية او البناء العشوائي او الباطون والاسمنت تعددت الاسماء والمصيبة واحدة ، وحش اسمنتي تمدد عل الرقع الزراعية التي كانت تمثل أمننا الغذائي والمعيشي واكتفائنا الذاتي بالنسبة للفرد والدولة خاصة في سهل حوران جنة الله في الارض وحواكير عمان الغربية ، وبيادر وادي السير وجبال السلط والكرك وسهول المفرق وغيرها وسط غياب قوانين منظمة وصارمة وضعف اداء جهات حكومية كانت هي السبب في هذا الغول الاسمنتي الذي ابتلع جميع اراضينا الزراعية وترك لنا الاراضي الصحراوية خاوية على عروشها مثل صحراء الربع الخالي .
تمدد ربما مقصود ومتعمد ومدروس أنهى حياة أخصب الاراضي الزراعية في العديد من محافظات المملكة لنرى اليوم الكتل الاسمنتية والاسكانات العشوائية التي زرعت على حساب اشجار الزيتون القابعة في الاراضي منذ عهد الرومان وكروم العنب والحقول الذهبية من سنابل القمح والشعير التي كان لها شأن كبير، لو خرج الشاعر عرار من قبره وشاهد الكتل الاسمنتية في الاراضي الزراعية الخصبة هل سيغير قصيدته التي قالها في الاربعينيات :
القمح قمحي والبلاد بلادي .