باسم سكجها
من الطبيعي أن يبدأ حراك سياسي محلّي مع يقين الجميع بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، ومن الطبيعي أكثر أن تأخذنا هذه الحالة إلى مشهد لم نألفه من قبل، ومن الطبيعي أكثر وأكثر أن نشهد مزاودات علنية من الأطراف المعنية بحثاً عن موطئ قدم في مجلس النواب، أو تعزيزاً لوجود تاريخي به.
كان التشكيك في إجراء الانتخابات تحليلاً طفولياً ساذجاً، أو رغبات كامنة عند أصحابها بالحفاظ على الوضع الراهن، أو ربّما كان عند البعض منّا عدم رغبة باللجوء إلى قياس حجم وجوده في المجتمع خشية من نتيجة قاسية، وفي مطلق الأحوال فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب، فالانتخابات صارت تحصيل حاصل، شاء من شاء أم أبى من أبى!
في الطريق نحو يوم الثلاثاء، العاشر من أيلول المقبل، سنكون أمام مشهد جديد، بدأت ملامحه تأخذ في تكوين نفسها، فهناك أحزاب جديدة بدأت تعي بأهمية الاندماج، وأحزاب أخرى تعمل مناطقياً وعشائريا، وفي كلّ الأحوال فالعيون على ما يفعله حزب جبهة العمل الاسلامي.
في تقديرنا أنّ هذا الحزب الراسخ يعمل على عدة جبهات، فهو يحشد جماهيره في مسيرات وتجمعات عنوانها غزّة، وفي الوقت نفسه فهو يترك لمؤيديه مساحة الإعلان إلكترونياً عن مقاطعة الانتخابات، وهذه سياسة خبرناها في الماضي، ولكنّ الخواتيم تنتهي بالمشاركة!
حين انتظمت اللجنة الملكية السياسية لم تكن هناك حرب في غزّة، ولم يكن ليتوقعها أحد حينها، وباعتباري شاهد عيان حول ما جرى، فالتوافق كان العنوان وبمباركة كاملة من الإخوان المسلمين وذراعهم السياسي، وإذا كان هناك من غضب أو عتب أو تظلّم من تعديل طفيف على قانون الانتخاب فهو مجرّد مساهمة في الحملة الانتخابية المقبلة.
قراءتنا الأولية تقول إنّ الجميع سيشاركون، بصورة أو أخرى، وسيعملون على إعادة تموضعهم، بحثاً عن التواجد تحت القبة، ولهذا فكلّ شيئ متوقع بما فيه الصوت المرتفع والمزاودات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع!
بقي أن نقول إنّ هناك تكليفاً ملكياً سامياً، ضمن السطور، بأنّ حكومة الخصاونة باقية حتى آخر السنة على الأقل، وهذا ما برّد النار على جبهة الدوار الرابع ليشعلها على جبهة العبدلي، وللحديث بقية!