الزعبي: التوازن في تربية الاطفال بين الحزم واللين هو مفتاح التربية السليمة
صدى الشعب – أسيل جمال الطراونة
تُعد التربية السليمة الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الطفل، حيث تلعب دورًا جوهريًا في تشكيل شخصيته، سلوكياته ، وقيمه ، ومن أبرز مقومات التربية الناجحة الحب والاحتواء، إذ يحتاج الطفل إلى الشعور بالأمان العاطفي ليتمكن من النمو بشكل سليم.
فالتقدير والاهتمام من قبل الوالدين يعززان لقنه بنفسه، كما أن الحوار الهادئ معه يساعده على التعبير عن أفكاره ومشاعره، مما يمكنه من اتخاذ القرارات بنقة.
وفي هذا السياق، وضع الدكتور نزار الزعبي، رئيس قسم الإرشاد النفسي والتربوي في جامعة جدارا ل” صدى الشعب”
أن الحب والاحتواء للطفل يقدمان العديد من الفوائد الأساسية التي تؤثر على تطور الطفل نفسيًا واجتماعيّا وأكاديميًا ، فمن خلال الشعور بالأمان العاطفي، يصبح الطفل أكثر قدرة على بناء ثقته بنفسه، حيث يساعده الحب والتقدير على التعبير عن أراثه دون خوف.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال الذين ينشأون في بيئة ملينة بالحب والاهتمام يكونون أكثر قدرة على تكوين علاقات جتماعية صحية مع الآخرين. فالحب يعلمهم كيفية التعامل مع مشاعرهم بمرونة. وبمنحه النفة الكافية للتواصل الفعّال مع أقرانهم.
علاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يحظون بالدعم العاطفي من والديهم يكونون أكثر تحفيزًا للتعلم، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات الأكاديمية.
فالشعور بالأمان العاطفي يعزز رغبة الطفل في الاستكشاف والتعلم دون الخوف من الفشل ومن جهة أخرى، يساعد الاحتواء العاطفي في تقليل المشكلات السلوكية مثل العدوانية أو الانطواء ، فالطفل الذي ينشأ في ببنة يسودها الحب يكون أقل عرضة للإصابة بالقلق أو الاكتئاب، كما يكون أكثر قدرة على التعامل مع مشاعره بطريقة صحية ولا يمكن إغفال أهمية الاحتواء في تعزيز مهارات التكيف لدى الطفل،حيث يكتسب من خلاله أدوات نفسية تساعده على مواجهة الضغوط والتحديات بلفة ومرونة. فالاحتواء يعلمه كيفية التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة إيجابية بدلا من الاستسلام للمشاعر السلبية وبالنظر إلى القيم الأخلاقية، فإن تربية الأطفال في بيئة ملينة بالحب والاحترام تعزز لديهم مفاهيم مثل التعاطف، التعاون، والمودة.
وهذا ينعكس بشكل إيجابي على تعاملهم مع الآخرين، مما يجعلهم أكثر مسؤولية ونضجًا أما قيما يتعلق بالصحة النفسية، فإن الاحتواء العاطقي يُعد عنصرًا أساسيًا في الحقاظ على التوازن النفسي للأطفال ، فوجود بينة داعمة ومُحبّة يساعد في تقليل مخاطر الإصابة بالاضطرابات النفسية، ويمنح الطفل إحساسًا بالاستقرار والطمانينة.
كما أكد الزعبي على أن تحقيق التوازن بين الحزم واللين يُعدَ أمرًا ضروريًا ضبط سلوك الطفل دون التأثير السلبي على شخصيته ، إن لا بدّ من وضع قواعد واضحة وثابتة ، مع تقديم التوجيه والدعم بحب، لضمان تربيته على المسؤولية والانضباط دون أن يفقد العلاقة الدافئة مع والديه.
ويشير الدكتور الزعبي إلى أن الحوار الفعال بين الوالدين والطفل هو من أهم العوامل التي تؤثر على نموه النفسى والاجتماعي، حيث يساعد في تعزيز نقنه بنفسه ، إذ يشعر الطفل بأهميته عندما يُتاح له التعبير عن أفكاره بحرية.
ومن ناحية أخرى، فإن الحوار يُسهم في تطوير مهارات التواصل، حيث يتعلم الطفل كيفية التعبير عن نفسه بوضوح، مما بعزّز قدرته على التفاعل مع الآخر بن بشكل إيجابي.
كما أن تبادل الآراء يساعده على تنمية التفكير النقدي، حيث يتعلم كيفية تحليل الأمور واتخاذ القرارات بناءُ على المنعلق والتفكير السليم .
إلى جانب ذلك، يعزز الحوار الروابط الأسرية، إذ يُسهم في تحسين العلافة بين الطفل ووالديه، مما يزيد من شعوره بالأمان والانتماء، كما يتيح الفرصة للوالدين لنقل القيم والمبادئ الأخلاقية بطريقة سلسة، مما يساعد الطفل على التمييز بين الصواب والخطأ بطريقة واعية.
كما انه يُحفز الحوار الإبداع لدى الطفل، حيث يجعله أكثر قدرة على التفكير خارج الصندوق واستكشاف أفكار جديدة، مما يُسهم في تنمية قدراته الذهنية والابتكارية.
يشدد الدكتور الزعبي على أن تحقيق التوازن بين الحزم واللين هو مفتاح التربية السليمة، حيث ينبغر على الوالدين وضع حدود واضحة تساعد الطفل على التمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التواصل الفعّال مع الطفل يُعدّ عنصرا مهما في التربية، حيث يجب على الأهل تبني أسلوب تواصل مفتوح، والاستماع إلى مشاعره واهتماماته بجدية، مما يعزز شعوره بالأمان والانتماء.
كما أن المرونة في تطبيق القواعد تُسهم في بناء شخصية متوازنة، إذ يحتاج الطفل إلى فهم أن هناك مواقف تتطلب الحزم، وأخرى تستدعي التفهم والاحتواء. فالتوازن بين الحزم واللين يساعده على الشعور بالعدل والاحترام، بدلاً من الشعور بالقمع أو الفوضى.
علاوة على ذلك، فإن استخدام التعزيز الإيجابي يُعدّ وسيلة فعالة لتعزيز السلوك الجيد، حيث يُفضل مكافأة السلوكيات الإيجابية بدلاً من الاعتماد على العقوبات الصارمة. وهذا من شأنه أن يعزز لدى الطفل الرغبة في الاستمرار في التصرف بشكل إيجابي.
ولا يمكن إغفال أهمية أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأطفالهما، حيث يتعلم الطفل من خلال الملاحظة أكثر من التوجيه المباشر. فكلما شاهد الطفل والديه يتصرفان بحكمة ويوازنان بين الحزم واللين، زادت احتمالية أن يكتسب تلك المهارات بنفسه.
من ناحية أخرى، فإن المتابعة المستمرة لسلوك الطفل تساعد في تقييم مدى استجابته للتوجيهات، مما يُتيح للوالدين فرصة تعديل أساليب التربية بناءً على احتياجاته الفعلية.
وفي نهاية المطاف، لا بدَ من تحقيق التوازن العاطفي في التربية، حيث يجب على الوالدين إظهار الحب والدعم بشكل مستمر، حتى عند فرض القواعد والانضباط. فهذا يُساعد الطفل على الشعور بالأمان والثقة، مما يجعله أكثر استعدادًا للالتزام بالقيم والسلوكيات الإيجابية. يشدد الدكتور نزار الزعبي على أن التربية السليمة ليست مجرد وضع قوانين أو تقديم الحب فقط، بل هي مزيج متوازن بين الحزم واللين، الحب والانضباط، الحوار والتوجيه. فالطفل الذي ينشأ في بيئة مليئة بالحب والاحتواء، وفي الوقت ذاته تفرض عليه حدود واضحة، يصبح أكثر استقرارًا نفسيًا وأكثر قدرة على التعامل مع تحديات الحياة بثقة وقوة.