ماجد توبه
لا يمكن لاحد ان يقلل من اهمية قرار محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني، الذي اوقفها على تخوم الادانة بالابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وضيق الخناق القانوني الدولي على رقبة اسرائيل التي يهمها العمل على جبهة الراي العام الدولي لتبييض جرائمها ومجازرها باعتبارها دفاعا عن النفس.
لم يكن القرار، كما يقرأه خبراء القانون الدولي الوازنون، عند المرتجى فلسطينيا وانسانيا، لانه لم يصل الى حد المطالبة بوقف اطلاق النار، لكنه بطلباته التنفيذية من اسرائيل بضمان عدم قتل المدنيين وادخال المساعدات وتجنب التجويع واستهداف الامنين، يدفع نظريا باتجاه وقف اطلاق النار.
لا احد يتوقع من الكيان المجرم الالتزام الكامل بما نص عليه قرار العدل الدولية، بل وبدا واضحا من ردود الفعل الاسرائيلية حجم التشنج والاستهتار بالقانون الدولي وهي صفة اسرائيلية بامتياز والتي اعتادت الضرب بقرارات الامم المتحدة والشرعية الدولية عرض الحائط وبدعم كامل من الولايات المتحدة. لكن هذا الكيان يعرف حجم الازمة القانونية التي وجد نفسه بها بعد بدء محاكمته باشنع التهم الانسانية وهي الابادة الجماعية امام اعلى محكمة دولية، حيث ستكون روايته المضللة والكاذبة بالنسبة للراي العام العالمي ليس امام رواية الفلسطينيين بل امام رواية وتفاصيل المحاكمة الدولية.
الاهم اكثر من موقف اسرائيل تجاه القرار القضائي الدولي هو ما يفرضه القرار من احراج على دول الغرب وامريكا التي دعمت بكل قوة الابادة الاسرائيلية حتى الان، فمواقف هذه الدول الان باتت تحت التركيز من قبل المحكمة الدولية والراي العام، فالى متى سيصمد الانحياز الاعمى للجرائم الاسرائيلية والتواطؤ الغربي مع هذا الكيان المارق والمجرم؟!
وفيما لا نستطيع الا ان ننحني شكرا وفخرا بمواقف دولة جنوب افريقيا، احفاد وابناء نيلسون مانديلا العظيم، على هذا الدفاع عن الشعب الفلسطيني والتصدي للجرائم الاسرائيلية وتعريتها امام اهم مرفق قضائي دولي، فاننا نعود لنؤكد ان قرار العدل الدولي يشكل فرصة للدول العربية لتدارك تقصيرها وتخاذلها تجاه العدوان المفتوح على الشعب الفلسطيني، فقد بات في يديها ما تبني عليه مع باقي الدول المنصفة للضغط الحقيقي على الكيان الاسرائيلي وحليفته الكبرى لوقف العدوان ووقف حرب الابادة في غزة.
لا يجوز ان تراوح المواقف العربية في مكانها، استنكارا ومناشدات بوقف العدوان، الامر بحاجة اليوم الى قفزة عربية مؤثرة وحقيقية باتجاه وقف العدوان ورفع الحصار القاتل عن الشعب الفلسطيني، والضغط على الدول الكبرى ومجلس الامن للالتزام بقرارات العدل الدولية تجاه هذه المجزرة المفتوحة. وبات رفع الحصار وفتح معبر رفح بالقوة لادخال المساعدات امرا لا مفر منه ويجد غطاء من قرار المحكمة الدولية.
لا نتوقع من الكيان الصهيوني ان يلتزم بقرارات العدل الدولية فورا، وسيعاند للاستمرار بما يخطط من مجازر وابادة جماعية وتشريد، الا ان تشكيل موقف عربي مع باقي الدول المنصفة يرتقي لحجم الماساة الفلسطينية لا بد وان يثمر في لجم التوحش الاسرائيلي ويضغط اكثر على مفاقمة ازمته مع القانون الدولي والانساني، يساعد في ذلك الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني واستمرار المقاومة وثباتها بوجه الة القتل الصهيونية.