إذا استمر الإقبال على تلقي مطعوم فيروس كورونا بنفس الوتيرة الحالية فإن معاناتنا مع الأزمة ستطول، ولن نتمكن من العودة لحياتنا الطبيعية في وقت قريب، لا بل ان العودة للتدابير الصحية المشددة لن تكون مستبعدة، خاصة مع الانتشار السريع لسلالات متحورة من الفيروس في أرجاء العالم.
بينما تكافح الحكومات حول العالم لتلبية الطلب على المطاعيم والوصول لأكبر عدد ممكن من مواطنيها في أسرع وقت، يتخلف نحو ثلث الأردنيين المستهدفين في الحملة الوطنية للتطعيم عن أخذ اللقاح، مما يؤدي إلى إرباك كبير في ترتيب المواعيد، وإعاقة جهود العاملين في الوصول إلى فئات أخرى تنتظر دورها على المنصة.
هناك دول كثيرة حول العالم تشكو من تأخر وصول الشحنات المتعاقد عليها من اللقاح وتلوم الشركات على ذلك، وثمة دول فقيرة تشعر بالظلم جراء استحواذ الدول الغنية على الكميات المنتجة من اللقاحات. في الأردن نجحت جهود السلطات في تجاوز هذا التحدي، وبالأمس أعلن وزير الصحة أن مليون شحنة من اللقاح الصيني في طريقها للمملكة.
لكن ماذا سنفعل بهذه الكميات الضخمة إذا ما ظل المواطن الأردني على تردده في الإقبال على أخذ اللقاح؟
ينبغي التفكير بحلول خلاقة لكسر حلقة الجمود هذه. على سبيل المثال إصدار تحذير قانوني لكل من يتخلف بضرورة التوجه لمراكز التطعيم في المواعيد البديلة “كل يوم خميس من الأسبوع” وإلا سيفقد حقه مستقبلا في الحصول على المطعوم.
وإذا استمر التباطؤ في الاقبال على حاله، يتعين المبادرة إلى فتح أبواب مراكز التطعيم أمام جميع المواطنين بغض النظر عن فئاتهم العمرية، أو ترتيب الدور على المنصة.
ولكسب أكبر دعم شعبي للحملة، يمكن حشد جيش من الشباب المتطوعين بمبادرة لطرق أبواب منازل الأردنيين وحثهم على أخذ المطعوم فورا. وتدشين حملات توعية وإرشاد عبر وسائل الاعلام ومنابر دور العبادة والدوائر الرسمية لتحفيز الناس على المشاركة.
وفي العاصمة والمدن الكبرى تحديدا هناك المئات من كبار السن ينتظرون بفارغ الصبر الحصول على اللقاح، ويشتكون من حصول أشخاص من فئات عمرية أصغر عبر الواسطة على المطعوم قبلهم، ولذلك ينبغي التفكير جديا بتسريع العملية في التجمعات السكانية الكبرى، وعدم انتظار المترددين، وتلبية الطلب بوتيرة أسرع لاحتواء الاتجاه المعاكس لدى بعض الفئات المشككة.
وبذات الوقت يجب على السلطات التعامل بصرامة مع التقارير والمنشورات الزائفة التي تشكك بتأثير اللقاحات على صحة المواطنين، ومحاسبة مروجيها.
تستطيع دول صغيرة بعدد سكانها مثل الأردن أن تحقق الدرجة المطلوبة من المناعة ضد الفيروس في وقت قياسي إذا ما تمكنت من توزيع المطاعيم على سكانها بسرعة، وسيكون لهذا الأمر انعكاس إيجابي على تعافي الاقتصاد وقطاعات العمل، وبخلاف ذلك ستطول المعاناة.
كان التحدي أمام الأردن كسائر الدول توفير اللقاح، وقد توفر، وكان السؤال الذي يشغل الناس هل المطعوم مجانيا أم بمقابل مادي، وها هو متوفر مجانا للجميع، فما الذي يحول دون الاقبال عليه؟!
تدافع الأردنيون على أبواب الصيدليات قبل أشهر لشراء مطعوم الإنفلونزا “الرباعي” وهو لا يختلف في شيء عن المطعوم الصيني مثلا، وكان بعضنا على استعداد لدفع السعر مضاعفا مقابل الحصول على الجرعة. ترى لو تم بيع مطعوم كورونا من خلال صيدليات القطاع الخاص بدلا من توزيعه مجانا هل سنشهد إقبالا أكبر؟