صدى الشعب – كتب رئيس التحرير خالد خازر الخريشا
على رأي أحد النواب يبدو ان شهر العسل ما بين الحكومة والنواب قد انتهى وهناك جردة حساب وتنتظر الحكومة جلسات ساخنة من قبل مجلس النواب الذي هو اليوم على ( المحك) أمام القواعد الشعبية حيث سيمطر الحكومة بسيل من الاستجوابات بصفته الرقابية والتشريعية ومن ابرز الملفات مشروع الموازنة وقوانين الضمان الاجتماعي كونه يمس شريحة واسعة من حياة ومعيشة الاردنيين وكذلك قوانين الاحزاب والانتخاب وكذلك الادارة المحلية هذه القوانين المفصلية في عملية الاصلاح السياسي والإداري .
وفي الشأن الداخلي سيركز مجلس النواب على دوره الرقابي الحقيقي في مواجهة التجاوزات الإدارية والفساد ومتابعة ملفات التعيينات خارج مخزون ديوان الخدمة ألمدنية معتبرًا أن تجاهل هذا المخزون فتح بابًا واسعًا للواسطة والمحسوبية وتسليط الضوء على قطاع الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والصحة والتعليم ومراجعة السياسات الاقتصادية والضريبية التي أثقلت كاهل المواطن إلى جانب متابعة وعود الحكومة في العديد من الملفات السابقة .
سيركز النواب على ملف الحريات العامة والتوقيف الاداري وحرية التعبير هذه الملفات تُعد من أكثر الملفات حساسية في الأردن ويتقاطع فيه الأمن بالسياسة والإعلام والمجتمع المدني ورغم طرح نواب أسئلة واستجوابات حول اعتقال ناشطين أو توقيف إعلاميين، معتبرين أن الحكومة لم تفِ بتعهدها بتوسيع هامش حرية الرأي إلا أن وزير الداخلية ردّ بأنه «لا يوجد معتقلون سياسيون في الأردن»، لكن هذا الرد لم يُقنع بعض النواب .
الملف الاقتصادي سيكون حاضراً بين الغلاء وضغط الشارع ويُعتبر الاقتصاد المحور الأكثر حساسية في العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب لأن النواب هم حلقة الوصل المباشرة مع الشارع والضغوط المعيشية تنعكس عليهم أولًا حيث شهدت الفترة الأخيرة موجات غلاء وفلتان في السلع الأساسية وكذلك الضرائب وارتفعت أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية وكذلك ملف تعطيل بعض المدن الصناعية وغياب دورها في الاستثمار والتشغيل .
واهم الملفات الموازنة العامة ستبرز مداخلات حادة حول «أولويات الإنفاق»، حيث يرى بعض النواب أن الحكومة ما زالت تنفق على مشاريع غير منتجة بينما الخدمات الأساسية تعاني من التهميش والعلاقة الاقتصادية بين الطرفين ستتحوّل في هذه الدورة من تعاون لتمرير الموازنات إلى نقاش مفتوح وصريح حول مسؤولية الحكومة عن الغلاء والفقر والبطالة وهذا الملف تحديداً سيؤدي الى حالة انحسار الهدوء بين الحكومة والمجلس .
ملف الإصلاح السياسي بين الطموح والتطبيق سيكون هام ويحتل مساحة واسعة ما بين الحكومة والنواب ويُعد هذا الملف اختباراً مباشراً لمدى التزام الحكومة بتعهداتها أمام البرلمان والرأي العام ورغم إقرار القوانين الجديدة في السنوات الماضية إلا أن النواب باتوا يشتكون من بطء تطبيقها على أرض الواقع وبعض الكتل النيابية ترى أن الحكومة « تُمسك» بالعملية السياسية أكثر مما يجب وأنها لم تمنح الأحزاب الجديدة مساحة حقيقية للتأثير .
ومن ابرز الملفات ملف التعيينات والمناصب وتكرار الجدل حول التعيينات العليا وغياب الشفافية فيها زاد من حدة الانتقادات النيابية والنواب رأوا أن استمرار «النهج القديم» في التعيين يفرغ شعار الإصلاح من مضمونه وهذا الملف ربما سيكون تذكير للحكومة بضرورة الوفاء بوعودها وملف الإصلاح السياسي سيتحوّل في الدورة القادمة من عنوان للتعاون إلى محور مسائلة حيث سيبدأ بعض النواب يطالبون بنتائج ملموسة وليس وعودًا أو لجانًا وهذا سيجعل العلاقة أكثر «رقابية» وأقل « تجميلية » .
مجلس النواب في هذه الدوره مدعو الى استعادة هيبته كسلطة رقابية وتشريعية مستقلة قادرة على محاسبة الحكومة وتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات بما يكرس دور المجلس في حماية مصالح الوطن والمواطن لان دوره الرقابي والتشريعي ما زال متواضعاً ويمكن القول إن نهاية « شهر العسل» بين الحكومة ومجلس النواب انتهى لان هناك ملفات متعددة تحتاج ” جردة حساب” ففي حين أرادت الحكومة ضبط الإيقاع السياسي والاقتصادي في مرحلة حساسة سيجد النواب أنفسهم أمام ضغط شعبي متزايد يدفعهم للانتقاد والمساءلة .
