كتب. ينال البرماوي
الأمن الغذائي وتعزيزه ومواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية يستحوذ على اهتمام كافة البلدان وتبرز الحاجة للاهتمام به عربيا أكبر بكثير من أرجاء العالم الأخرى بحكم المخاطر التي تهدده وتتكرر باستمرار متأثرة بالأوضاع الداخلية واضطرابات أسعار وأسواق الطاقة والغذاء.
خلال السنوات العشر الماضية تراجعت قدرات البلاد العربية في مجال الأمن الغذائي وجهودها لجعله في الحدود الآمنة حيث انشغلت الحكومات بمشاكلها الداخلية وحالة عدم الاستقرار التي ما تزال تعاني منها في الوقت الذي ارتفع فيه الطلب على الغذاء وبلوغ الأسعار مستويات قياسية غير مسبوقة ووصل المخزون الغذائي بخاصة للمواد الأساسية كالقمح الى حدود متدنية ومستودعات بعض البلدان باتت فارغة بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
نادرا ما يغيب مصطلح الأمن الغذائي عن اللقاءت الرسمية العربية العربية والتأكيد على أهمية اتخاذ خطوات عملية للشروع بتعزيزه في اطار التعاون العربي المنشود منذ عقود لكن كل ما يطرح وعلى ضرورته لا يتعدى ساعات اللقاء وما يصدر عنه من بيانات وتصريحات.
اللقاء الرباعي لزراعة الأردن والعراق وسوريا ولبنان الذي استضافته عمان أمس الأحد تناول قضايا وطروحات في غاية الأهمية وتشخيص شامل لواقع الأمن الغذائي العربي والصعوبات التي تواجهه وعكس رؤية مشتركة قد تفضي في حال تطبيقها الى وضع خطوات عملية وتنفيذية لتحقيق التكامل في العديد من المجالات الزراعية وتعظيم الاستفادة من الامكانات التي يتمتع بها العالم العربي وامتلاكه سوقا استهلاكية بأكثر من 300 مليون مواطن.
انشاء مرصد اقليمي للأمن الغذائي مقترح مهم لايجاد مرجعية مشتركة قادرة على دراسة الواقع الغذائي لأعضائه والتنبؤ بالمشكلات ورصد المتغيرات العالمية بهذا الشأن وتوفير قاعدة بيانات متكاملة سليمة تشكل مرجعا لدى اتخاذ القرارات والتحرك للتصدي للأزمات وادارتها بما يضمن أولا توفر الغذاء وسلامته وكبح جماح الأسعار.
ونظرا لتعدد المحاولات العربية بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف لتعزيز التعاون فيما بينها في مجال الأمن الغذائي وزيادة الانتاج الزراعي لماذا لا تبادر جامعة الدول العربية باعتبارها الحاضنة للمشاريع العربية الاستراتيجية العامة لتبنى مثل هذه المقترحات؟ اضافة الى امكانية انشاء مراكز للأمن الغذائي.
وهذا الملف من أهم الملفات المطلوب التعامل معها بجدية واهتمام لمخاطرها على السلم والأمن ليس فقط على الصعيد المحلي وانما على المستويات الأقليمية والدولية سيما مع احتمال تعرض الأمن الغذائي العالمي لهزات غير بعيدة بسبب التوترات الدولية وأرتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية والتغيرات المناخية.
