صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
تسطر قرية العراقيب ببئر السبع يوم بعد يوم رقم جديدا بأساطير الصمود عندما تواجه قوات الهدم الإسرائيلي والتي هدمت القرية أكثر من 215 المرة الا ان همم الرجال تابة الا ان يعاد بناء القرية في كل مرة تهدم.
العراقيب القرية البدوية في بئر السبع أصبحت رمزا لمعركة إرادات يخوضها فلسطينيو الداخل من أجل البقاء والحفاظ على الأرض والهوية من سياسات التهويد.
13 عاماً والاحتلال يقدم على هدم القرية، وذلك بدعوى أنها بلدة غير معترف بها، ولا يزال يصر أهالي القرية على الصمود بأرضهم وعدم تركها مهما كان الثمن. فما قصة قرية العراقيب الفلسطينية؟
تقع قرية العراقيب في شمال مدينة بئر السبع، في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، حيث تبلغ مساحتها أكثر من 200 ألف متر مربع، وتعد العراقيب واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف إسرائيل بها وترى وجودها “غير شرعي”، وهي ممنوعة من المياه والكهرباء والمواصلات، وغيرها من الخدمات.
ويعيش في القرية البدوية 22 عائلة، نحو 800 شخص، وتشكل الأغنام والمواشي مصدر رزقهم الوحيد، نتيجة لطبيعة الأرض الصحراوية التي تفتقر إلى جميع الخدمات المختلفة، كما يعيش المواطنون في بيوت من الصفيح والأخشاب والبلاستيك، حيث يقول أهالي القرية إنه لا توجد إمكانية لإقامة منازل من الطوب كما كان في السابق، لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل هدم القرية بشكل مستمر.
بدأت قصة قرية العراقيب والقرى المحيطة بها منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، فبعد أن احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية عام 1948، حاولت سلطاتها بشكل حثيث إخلاء أراضي النقب بالقوة من سكانها البدو، بحسب سجلات تاريخية إسرائيلية مكتشفة حديثاً.
وتعرضت أراضي الفلسطينيين في العراقيب للاستيلاء بموجب “قانون حيازة الأراضي” لعام 1953، مثل العديد من القرى الأخرى. فيما قالت إسرائيل إنَّ الأراضي في النقب، التي كان يعيش فيها أصحابها الفلسطينيون بين 15 مايو/أيار 1948 و1 أبريل/نيسان 1952، مملوكة للحكومة الإسرائيلية التي صادرت 247 كيلومتراً مربعاً في تلك المنطقة.
وبحسب “هآرتس”، فإن السجلات التاريخية الجديدة كشفت أنَّ الفلسطينيين في تلك الفترة تعرضوا للترحيل القسري على يد قوات الاحتلال التي نشرت التهديدات والعنف والرشوة والاحتيال.
وكُشفت هذه السجلات، ضمن قضية قانونية على ملكية الأراضي التي رفعها فلسطينيو الداخل في العراقيب، وتقول “هآرتس” إن الحكومة الإسرائيلية تدرس القضية باعتبارها ذات أهمية “استراتيجية وطنية” لوضع حد للدعاوى القضائية الأخرى التي رفعها فلسطينيو الداخل للطعن في مصادرة أراضيهم.
هدم تلو الآخر وصمود أسطوري
في صباح يوم الثلاثاء 27 تموز/يوليو 2010، استفاق سكان قرية العراقيب على صوت الجرافات الإسرائيلية التي بدأت بهدم نحو 40 منزلاً وأخلت نحو ثلاثمئة من سكانها، بحجة “البناء دون ترخيص”. فعاود سكان القرية بناءها من جديد، ليتم هدمها مرة بعد أخرى، حتى وصل عدد المرات التي تعرضت فيها القرية للهدم 204 مرات، كان آخرها في 19 يوليو/تموز 2022.
ويصر أهالي القرية البدوية على التمسك بأرضهم بشكل يوصف بالأسطوري، برغم هجمات سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين، قائلين إن الاحتلال ينوي بناء مشاريع خاصة به على أنقاض القرية، وهو ما سيمحو ثقافة البدو وتراثهم، وهو ما يعني إلغاء هويتهم.
وعلى الرغم من المواجهات القانونية مع سلطات الاحتلال، يقول سكان قرية العراقيب والقرى الأخرى المحيطة بها إن القانون الإسرائيلي ببساطة لا يعترف بمطالبات البدو بالأرض أو السكن، ويقول أحد السكان لموقع MEE البريطاني إن “هذا ليس سلوك دولة، بل سلوك إجرامي”، مشيراً إلى أن “سكان القرية يفضلون إنشاء خيام وكرفانات مؤقتة والعيش بها على أي حلول إسرائيلية تخرجهم من أرضهم التاريخية”.
صياح الطوري
راكبن على ظهر فرسه يقف الشيخ صياح بوجه قوات الهدم بكل شموخ وكبرياء ملوحا بإشارة النصر وكلماته لابناء العراقيب تصدح عاليا، إذ طلب منهم الصمود وطرد قوات الهدم.
غاب الطوري في سراديب ظلم السجان، قبل سنوات حيث حكما عليه بالسجن عشرة أشهر وراء القضبان لدوره بالدفاع عن مسقط رأسه قرية العراقيب بالنقب جنوبي فلسطين التي هدمتها سلطات الاحتلال للمرة الـ137.
75 ألف بدوي مهدد بالترحيل من أراضيهم
تعد العراقيب احد القرى غير معترف بها من قبل حكومة الاحتلال ويبلغ عدد القرى 45 قرية ويقطنها ما يقارب 75,000 ألف نسمة وحسب الإحصائيات تبلغ مساحة الأرض التي هي بحوزة هذه القرى أكثر من 180,000 دونم وتفتقر هذه القرى إلى الحد الأدنى من البنية التحتية، الكهرباء، خطوط الهواتف، الصرف الصحي، الشوارع، العيادات الصحية والنقص الكبير في المدارس ومياه الشرب وتعيش أكثرها في ضائقة وتعاني من البطالة والفقر بشكل مأساوي وبالرغم من هذا يصمد سكانها ويتمسكون بالأرض ويرفضون الإغراءات السلطوية والأساليب التي تحاصر هذه القرى اقتصاديا وإنسانيا حتى تجبر سكانها على الرحيل إلى تجمعات التوطين القسري.
وفقًا لسجلات الانتداب البريطاني فإنّ 12,600,00 دونم من أراضي النقب هي ملك للعرب البدو. ويكافح البدو، اليوم، للاحتفاظ بملكية 240,000 دونم من الأرض التي لا يزالون يمتلكونها.
يعيش نحو 56% من البدو في 7 قرى أقامتها لهم الحكومة هي: رهط، حورا، تل السبع، لقية، شقيب السلام، كسيفة وعرعرة النقب.
وتفتقر القرى المعترف بها إلى البنية التحتيّة الملائمة، وتوفر المساكن الرديئة، وتحصل على خدمات حكومية غير كافية، شأنها شأن القرى العربية الأخرى.