ماجد توبه
رغم ان الولايات المتحدة تبنت وجهة نظر العدو الاسرائيلي بان قرار مجلس الامن الداعي لوقف اطلاق النار “غير ملزم”، الا ان حالة من الغضب و”الخذلان” عبرت عنها حكومة نتنياهو المجرمة لمجرد صدور قرار مجلس الامن، لان عدم التصويت بـ”الفيتو” امريكيا يعتبر بالحسابات السياسية ضغطا امريكيا على اسرائيل المجرمة التي البت الراي العام العالمي كله عليها لمجازرها وحرب الابادة والتجويع التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة.
الاكيد بعد صدور قرار مجلس الامن الاخير بوقف اطلاق النار، وحتى لو لم تلتزم به اسرائيل كما هو متوقع، انه يفاقم الحصار الاخلاقي والسياسي والدبلوماسي على العدو الاسرائيلي الذي تحرر من كل القوانين الدولية والاخلاق وهو يرتكب المجازر والقتل الاعمى وتدمير المستشفيات والمرافق المختلفة بصورة غير مسبوقة في الصراعات التي خيضت خلال العقود الاخيرة.
يحق لنتنياهو المجرم ان يكون اكبر الغاضبين من الولايات المتحدة ومن قرار مجلس الامن، فهذه الازمة الجديدة ستضاف لازماته المركبة الاخرى في ادارته للحرب وللحكومة المتطرفة، صحيح ان نتنياهو يرفع دوز الخلاف مع الادارة الامريكية ليبدو امام رايه العام القائد الواثق وغير المضحي بمصالح اسرائيل الامنية والمصر على استكمال الحرب حتى النهاية.. او بالاحرى حتى اجتياح رفح، الا ان لعبة نتنياهو وادارته لكل التناقضات سواء مع الولايات المتحدة والغرب والراي الدولي او مع تناقضات مراكز القوى بحكومته وصراعاته مع الجيش والاجهزة الامنية لن تصمد طويلا، فاستحقاقات الحسم للخيارات والبدائل امامه تقترب، وفي كلتا الجهتين لن يكون قادرا على الاستمرار بائتلافه الحكومي الهش.
اليمين الديني المتطرف وعلى راسه سمورتش وبن غفير ومن لف لفهم، يبتز نتنياهو حتى اخر قطرة لابقاء حكومته صامدة، لكنه يمين لا يشبع وحجم تناقضاته مع باقي التيارات في الحكومة خاصة تيار بني غانتس عميقة ولا يمكن ان تستمر دون انفجار، وعندما تدخل الادارة الامريكية على هذه التناقضات وتنوي استغلالها لتهميش نتنياهو وقصقصة اجنحته في لا بد من صدام داخل الحكومة والائتلاف الذي يتركه في مهب الريح.
ولسخرية القدر، فان نتنياهو يستخدم في استراتيجيته مع المقاومة وفلسطينيي غزة، سياسة توسيع التناقضات بين المقاومة والحاضنة الشعبية، عبر رفع الكلفة الانسانية على المدنيين والضغط الاجرامي بالمجازر والتدمير والتجويع ومنع العلاج والدواء ما يرى ان ذلك سيدفع لانقلاب الجاضنة الغزاوية على المقاومة ويمكنه من النصر المؤزر عليها.
نقول من سخرية القدر لجوء نتنياهو لهذه الاستراتيجية فيما يقول الواقع وحسابات المقاومة ايضا انها استراتيجية تنفذ ايضا ضده شخصيا وضد حكومته وائتلافه المتطرف، فكل يوم يمر دون تسليم المقاومة يفاقم ازمة نتنياهو ائتلافه، ويفاقم ازمته مع الولايات المتحدة والعالم، دولا ومنظمات اممية. نعم تمكن نتنياهو الثعلب من الصمود عبر هذه الاستراتيجية حتى الان من النجاة والاستمرار على عرشه الدموي والهروب من ساعة الحساب التي لا ريب قادمة، الا ان حجم التناقضات الداخلية يتفاقم وبات انفجارها قاب قوسين وادنى.
اذا، هي معركة عض اصابع وصبر ساعة بين الطرفين، العدو المازوم والمقاومة الصامدة من جهة والتي تنزف عبر حاضنتها الاجتماعية من جهة اخرى، والنصر سيكون حليف من يثبت ويصمد في ربع الساعة الاخير من هذه الحرب الطاحنة!