صدى الشعب – كتبت م.أماني الخلايلة
في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة والتحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة، تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى المملكة الأردنية الهاشمية اليوم الأربعاء التي شملت لقاءً مع صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم، لتمثل منعطفًا تاريخيًا في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين.
هذه الزيارة والتي تأتي في خضم ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، تحمل دلالات عميقة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون المشترك في وقت تسعى فيه سوريا إلى تعزيز استقرارها وإعادة إدماجها في المحيط العربي والإقليمي.
لقد شهدت العلاقات الأردنية السورية على مدى العقد الماضي فترات من التوتر والتباعد خاصة في أعقاب الربيع العربي والأزمة السورية التي اندلعت عام 2011، والتي ألقت بظلالها على الأوضاع الأمنية والاقتصادية على الأردن والمنطقة ككل، ومع بدء مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي في سوريا، جاءت زيارة الرئيس الشرع إلى الأردن كخطوة محورية في إعادة بناء جسور الثقة وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
تُدرك المملكة الأردنية الهاشمية، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الأهمية الاستراتيجية لسوريا كشريك إقليمي رئيسي بالنظر إلى الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع البلدين. ومن هذا المنطلق، تُمهد هذه الزيارة الطريق لتعزيز التبادل الدبلوماسي والاقتصادي بين الجانبين بما في ذلك إعادة فتح الحدود التي ظلت مغلقة لفترات طويلة بسبب الظروف الأمنية، مما أثر سلبًا على الاقتصاد الأردني والسوري. إلا أن الملف الأمني وهو الأهم وأحد أبرز المحاور التي ستشهد تعاونًا وثيقًا بين البلدين خاصة في مواجهة التهديدات المشتركة مثل الإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات، والتي شكلت عبر السنوات الماضية تحديًا أمنيًا واقتصاديًا كبيرًا للأردن.
إضافة إلى ذلك، تُعد هذه الزيارة فرصةً لبحث سبل دعم عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم بشكل آمن ومستدام، حيث يُعتبر هذا الملف ذا أولوية قصوى للأردن والذي استضاف ملايين اللاجئين السوريين على مدى السنوات الماضية، مما شكل عبئًا اقتصاديًا وأمنيًا كبيرًا على المملكة. ومن خلال إعادة تعزيز التعاون الثنائي سيعمل البلدين معًا على إيجاد حلول عملية لهذه القضية الإنسانية الملحة.
على الصعيد الاقتصادي، تواجه كل من الأردن وسوريا تحديات كبيرة تدفع البلدين إلى إعادة تعزيز علاقاتهما الاقتصادية ووضع تفاهمات مشتركة لتعزيز التبادل التجاري وفتح آفاق جديدة للتنمية. ومن بين الملفات التي يمكن أن تشهد تعاونًا وثيقًا: التجارة البينية، وحركة البضائع، والطاقة، والربط الكهربائي، والزراعة، والنقل، والاستثمارات المشتركة لتحقيق مصالح اقتصادية مهمة تعود بالنفع على الطرفين.
لا يقتصر دور الأردن على الجانب الثنائي فحسب، بل يُعتبر لاعبًا محوريًا في الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حلول سياسية للأزمة السورية. ومن هذا المنطلق، جاءت زيارة الرئيس الشرع جزءًا من جهود تنسيق المواقف بين البلدين لدعم الحلول السياسية التي تسعى لتحقق الاستقرار في سوريا في ظل أهمية الدور المحوري الذي يلعبه الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في قضايا المنطقة والعلاقات القوية التي تربطه مع القوى الدولية، مما يساهم في إعادة إدماج سوريا في المحيط العربي والإقليمي، وكسر العزلة التي فرضتها السنوات الأخيرة.
تُشكل زيارة الرئيس السوري إلى الأردن اليوم، بدايةً لمرحلة جديدة من التعاون الثنائي والإقليمي تعكس إرادة البلدين في تجاوز سنوات التوتر ووضع العلاقات على مسارٍ أكثر إيجابية وإعادة بناء وفتح آفاق جديدة للتعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية لتكون خطوةً مهمة نحو تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة ككل، بما يخدم مصالح شعبي البلدين الشقيقين وتعزيز أمن وازدهار الإقليم.






