مسودة مشروع القانون المعدل لقانون العمل، ستكون على طاولة لجنة العمل والتنمية الاجتماعية النيابية، اليوم، وأنظار الآلاف من العمال، والعديد من منظمات المجتمع المدني، تتجه صوب تلك اللجنة، واجتماعاتها التي ستعقدها على مدار الأيام المقبلة، وكلهم أمل للخروج بقانون يُنصف، قدر الإمكان، تلك الفئة، التي عانت وما تزال.
الآمال معقودة على تلك اللجنة، في وقت لم يوجه أعضاء مجلس النواب التاسع عشر، خلال أوّل جلسة رقابية عُقدت مؤخرًا التي تضمنت 13 سؤالًا، أي سؤال حول قضايا العمل والأجور.
الكثيرون ينظرون إلى قانون عمل يكون عادلًا لتلك الفئة، يضمن توفير المزيد من الحماية القانونية للعمال، من خلال التشدد بالعقوبات على مخالفة أحكام قانون العمل، وخصوصًا أن مسودة مشروع القانون، في أدراج مجلس النواب السابق (الثامن عشر)، أي أنه في عهدة المجلس النيابي، منذ فترة، ليست قليلة، لكنه لم يقر التعديلات عليه، منذ وقتها وحتى «حله»، إثر صدور إرادة ملكية سامية بذلك.
مهمة «العمل النيابية»، ليست مستحيلة، لا بل ليست صعبة، خاصة أن مؤسسات المجتمع المدني أودعت الكثير من الملاحظات والاقتراحات، مكتوبة، في عهدة المجلس النيابي، لعل وعسى أن يخرج بقانون يعود بالنفع والإيجابيات، على فئة، لطالما عانت الأمرين، في بلد بحاجة إلى كل شخص فيه، وبالتحديد في ظل الأوضاع الصعبة الراهنة، وتلك المستقبلية.
أنظار العمال، تتجه صوب اللجنة النيابية، وكلهم أمل بصياغة قانون يُراعي القواعد الأساسية لحقوقهم، التي ضمنها الدستور الأردني، واتفاقيات العمل الدولية، فأهم تحد أمام هذه، وهي تُفند مسودة مشروع القانون، ضرورة شمول كل فئات العمال، وبالتحديد عمال الزراعة وكذلك المنازل، فيما يُعرف بتأمينات كالاشتراك بالضمان الاجتماعي أو الحصول على تأمين صحي، فهذه الفئة محرومة حتى الآن، من تلك «الحمايات».
إن ذلك سبب رئيس لدفع الأردنيين كي يتجنبو العمل في القطاع الزراعي، الذي يُعتبر بأنه نفط الأردن، ناهيك عن أنه يُعتبر تمييزًا واضحًا ضد فئات العمال، وقد يُعرضهم لانتهاكات.
إذا لم تقم اللجنة النيابية بمعالجة تلك النقطة، فحتمًا، سينطبق القول عليها: «كأنك يا أبو زيد ما غزيت»، وسيبقى هناك شرخ واضح للعيان، في تحقيق مصالح فئة العمال، الذين يلهثون، ويعملون لساعات طوال، كي يستطيعوا تأمين قوت يومهم وعيالهم.. هذا على فرض بأن العمل هو لتأمين لقمة عيش فقط، وليس لتأمين علاج وأدوية وتعليم ومسكن عادي.
كما قلت بأن مهمة «العمل النيابية»، ليست صعبة أبدًا، فالأمر جد سهل، في حال وجد القرار والإرادة لتنفيذه، فكل ما يتطلب فعله، هو تضمين مسودة مشروع القانون، نصًا يُلزم صاحب العمل، بضرورة إشراك العاملين لديه بالضمان الاجتماعي، وتأمينهم صحيًا، وكذلك تحديد ساعات العمل، كي لا يكون هناك نوع من التجبر والتسلط على العامل.
كل ذلك سهل، شريطة أن يُتبع بنص يُشدد العقوبات على كل من يُخالف ذلك، والقضاء هو الحكم الفاصل في ذلك، كي لا تسول لأصحاب النفوس المريضة، الاستغناء عن العاملين، الذين يطالبون بحقوقهم.. إذا العدل هو أساس نجاح أي دولة في أي مجال أو قضية ما، فما بالك إذا كان المعنيون هم العاملون في الزراعة، الأمر الذي يتوجب على الجهات المعنية، بلا استثناء، الاهتمام بها والتركيز عليها في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى.
بقي هناك نقطة أساسية، من الأهمية الإشارة إليها، ومن الضروري أيضًا أن تقوم «العمل النيابية» بمعالجتها أو تعديلها، بشكل يتوافق مع التطور والتقدم، اللذين يشهدهما العالم، وخصوصًا ونحن دولة ستحتفل، قريبًا، بالذكرى المئوية الثانية لتأسيسها.. وتتمثل تلك النقطة بتعديلات أجازت للحكومة أن تتدخل في إعداد الأنظمة الداخلية للنقابات، وأن تحل هيئاتها الإدارية، وتُعين هيئات مؤقتة بدلًا منها. فليس من المعقول، ونحن ندخل العشرينية الثانية من القرن الواحد والعشرين، أن يبقى إنهاء النقابة
أو تشكليها من صلاحيات وزير العمل.