ماجد توبه
وأنت تتابع بعض المنشورات على مواقع التواص الاجتماعي لقلة من الناس، أو تقرأ لبعض الكتاب لدينا وبعض السياسيين في تعليقاتهم على ما يدور في غزة من عدوان غير مسبوق يقابله صمود وثبات وفعل مؤثر للمقاومة على الأرض، تستغرب أن مثل هؤلاء الكتاب والسياسيين، وهم قلة والحمد الله، يبحثون في السطور وما بين السطور ويطلقون العنان لخيالاتهم المريضة لافتعال أزمة مع المقاومة وكان هذه المقاومة انتهت من كسر إسرائيل المجرمة وتريد تصفية حسابات مزعومة وتتخيلها عقول مريضة مع الأردن دون غيره من كل دول العالم، حتى ربما قبل اميركا ودول الغرب المتواطئة مع الكيان المجرم!
لا أبالغ في توصيفي لهؤلاء المأفونين، وهم كما قلت قلة معزولة تعاني كما يبدو من عقد ما أو تتوسل حظوة ما حسب اعتقادها، متجاهلة أنها تستفز بطرحها المتهافت والمريض كل الأردنيين من الشمال إلى الجنوب، وتناقض مواقف قيادة هذا البلد المرابط، الذي يخوض معركة الدفاع عن فلسطين وغزة بكل ما يملك من طاقة وجهود وخطاب سياسي ودبلوماسي يقف العالم كله أمامه احتراما وتقديرا، وهو موقف وخطاب لم يغظ إلا إسرائيل التي لا تخفي حنقها وغضبها على مواقف الأردن.
إن نادى أبو عبيدة أن يا شعب الأردن العظيم هبوا لنجدة إخوتكم في غزة، فانتم الكابوس الذي يقلق العدو الإسرائيلي، يتم من قبل هؤلاء المرجفين والمتصيدين لدينا اقتطاع هذه الجملة من سياق خطاب أبو عبيدة الموجه لإسرائيل وأميركا والشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم لتعرية إسرائيل وجرائم الإبادة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، وحديثه عن انتصارات المقاومة وثباتها، لتحوير الخطاب وكأنه تقليل من دور الأردن وتحريض للأردنيين على قيادتهم وتدخلا في السيادة الأردنية!
كل المديح والتثمين للموقف الأردني، الرسمي والشعبي، من قبل المقاومة الفلسطينية..ليس اليوم فقط بل على مدى سنوات طويلة، يقفز عنه هؤلاء المتفذلكين، ليبثوا سمومهم اسفينا بين الشعبين الشقيقين ومع المقاومة.
هم يتناسون أن خطابات جلالة الملك ووزير الخارجية أيمن الصفدي تنزل كالمدافع على رؤوس نتنياهو وعصابته خاصة عندما يخاطب بها قادة العالم ومؤسساته الأممية، وان تاثيرها لدى الغرب يفوق بكثير تأثير قادة حماس أنفسهم ممن شيطنتهم إسرائيل والغرب.
ويتناسون أيضا أن الشعب الأردني له مكانة كبيرة في قلب كل فلسطيني وكل غزاوي، فالأردنيون لم يكلوا ولم يملوا عن التظاهر من العقبة جنوبا إلى الرمثا شمالا مرورا بمعان والطفيلة والكرك وعمان والسلط والبلقاء وغيرها منذ انطلاق العدوان، وان الأردنيين، رسميين وشعبيين، هم الأكثر تصديا لمخططات إسرائيل بالتهجير القسري للفلسطينيين، إلى درجة إعلان الأردن رسميا أن أي تهجير للفلسطينيين من الضفة المحتلة للمملكة هو إعلان حرب سيتصدى له الأردن. أفليس ذلك انخراطا أردنيا في الحرب حتى لو كان انخراطا كامنا تأخذه كل مراكز صناعة القرار العالمية بالحسبان.
دع عنك البعد الاغاثي والإنساني الذي لم يسبق الأردن إليه احد، فهذه مستشفياته الميدانية في غزة والضفة ماثلة على الأرض، والمعونات والمساعدات تتدفق يوميا على غزة وحتى على الضفة التي تخضع لحصار قاس لتركيعها هي الأخرى. ناهيك عن طرد سفير إسرائيل وسحب سفيرنا من تل ابيب وإلغاء توقيع اتفاقية المياه مقابل الطاقة.. وغيرها وغيرها.
جاحد وأعمى من لا يرى ان القضية الوحيدة التي يجمع عليها الأردنيون بكل أطيافهم ومواقعهم ومشاربهم، بقيادتهم وشعبهم، هي فلسطين. ثمة قضايا مختلفة يختلف فيها الأردنيون حولها وأحيانا يختلف فيها الشعب مع حكوماته عليها إلا فلسطين فهي كما الأردن الوطن والسيادة والاستقرار قضية مقدسة لكل الأردنيين.. لن يستطيع إزاحتها من هذه المكانة كل المغرضين والمتسلقين والأغبياء!