صدى الشعب – آلاء سلهب التميمي
في زمن عزّت فيه المواقف الصادقة، وارتفعت فيه الأصوات الخافتة فوق وجع الضحية، خرج الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عن صمت العالم، ليكسر الحصار، لا بالشعارات، بل بالأفعال.
لم يكن تحرّك الأردن تجاه غزة مجرد لفتة إنسانية، بل موقف سياسي وأخلاقي راسخ.
وكعادة أهل النخوة والشهامة اختار الأردن أن يسير أشقاؤه للمساعدة.
فها هي الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، وبتنسيق مباشر مع القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي، تسيّر قافلة مساعدات غذائية ضخمة تضم 36 شاحنة، لصالح منظمة المطبخ المركزي العالمي (World Central Kitchen)، باتجاه شمال قطاع غزة، حيث الجوع أشد من القصف، والمعاناة أعمق من الركام.
المعبر الشمالي، “زيكيم”، لم يكن يومًا نقطة عبور معتادة، بل كان منطقة يصعب الوصول إليها، لكن الأردن بحنكته فعلها.
اخترق الحصار، واخترق صمت العالم، وأوصل الغذاء إلى من حرموا من الماء والدواء والكرامة.
هذه الخطوة الجريئة، وسط تصاعد العدوان والانقطاع شبه التام لسلاسل الإمداد، لم تكن مجرّد واجب إنساني، بل تجسيد حيّ لرسالة الأردن تجاه فلسطين، ولشخصية الملك عبدالله الثاني الذي لم يتخلّ يومًا عن ثوابته، وظلّ يحمل قضية القدس وغزة في قلب كل خطاب وتحرك.
حين تكون القيادة بوصلتها الضمير، تكون الشعوب بأمان.
وحين تتحرك الدول من منطلق الأخلاق، تكون المواقف أكثر وقعًا من الكلمات.
شكرًا جلالة الملك، لأنكم علّمتم العالم كيف تكون الدولة صغيرة في الموارد، كبيرة في مواقفها.
شكرًا لأنكم لم تتركوا غزة وحدها، وشكرًا لأن الأردن بقي كما عهدناه، منارة في زمن العتمة.
وإن كُتب النصر لغزة وهو آتٍ لا محالة فسيكتب التاريخ أن الأردن كان أول من عبر الجدار، لا ليصوّر، بل ليُسعف، لا ليُزايد، بل ليُنقذ.
غزة لا تنسى، وأحرارها يحيّون كل يدٍ أردنية امتدت إليهم، وكل قافلة حملت في شاحناتها شيئًا من ضمير وكرم هذا البلد.






