المستشار الاعلامي / جميل سامي القاضي
في خضم احتفالاتنا الوطنية أجادت وأبدعت جلالة الملكة رانيا العبدالله عندما اشارت لرغبة ورؤية القائد الحكيم الراحل الكبير الحسين الثاني نحو حفيده الأول الحسين الثالث، ولي العهد الذي تربى في مدرسة والده جلالة الملك عبدالله الثاني، وهم امتداد شريف للأسرة الهاشمية المجيدة، التي قادت أمة العرب في نهضتهم الكبرى حينما أطلق الحسين الأول شريف مكة رصاصتها الأولى..
كلمات عفوية صادقة ومعبرة، صادرة من قلب أم كلها فرح وسعادة، وهي ترى بكر الأنجال ولي عهد المملكة الأمين، عريسًا فرح بزفافه كل الوطن، وتبوح لنا بوعدها للراحل الكبير الحسين بن طلال، حين بينت وعدها بأن ترعى الحسين الثالث ليكون كما هو جده الكبير، وكما هو والده جلالة الملك عبدالله الثاني. .
بنو هاشم، وهم الأفصح والأصبح والأسمح على مدار التاريخ العربي، وهم ملح الأرض وزينة الدنيا، وكاهل العرب الأعظم ، نذروا أنفسهم للأمة كل الامة .
وتتأتي فرحة الوطن بقرب زفاف ولي العهد بالتزامن مع احتفالات الوطن بعيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية الـ 77 ، والتي تمثل التحام العرش الهاشمي المجيد والشعب الأردني الوفي والعظيم .
وتحيي المملكة، في 25 من أيار كل عام، يوم الاستقلال، حيث تمثل ذكرى الاستقلال محطة مضيئة في تاريخ الاردن الحديث؛ إذ جسدت انتصارًاً للشعب والعرش في معركة نضال طويلة، إحقاقًا للحرية والكرامة واسترجاعًا للحق المسلوب.
وبعد سنوات من الكفاح الوطني، انخرط فيه أبناء الشعب الأردني، بقيادة الملك المؤسس الشهيد عبدالله الأول، ليتوج ذلك بانتزاع حرية هذا الحمى العربي المجيد .
ففي يوم السبت الواقع في 23 جمادى الآخرة 1365 هجرية الموافق 25 أيار 1946 ميلادية، عقد المجلس التشريعي الأردني الخامس جلسته الثالثة، وتم تلاوة مقررات المجالس البلدية المبلغة إليه والمتضمنة رغبات البلاد الأردنية العامة وتلاوة مذكرة مجلس الوزراء رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1365 هجرية الموافق 15 أيار 1946 ميلادية المتضمنة تأييد تلك المقررات لتلبيتها وتعديل القانون الأساسي الأردني بمقتضاها وبحث الأماني القومية في ضوء المبادئ والمواثيق الدولية وحق تقرير المصير ووعود الأمم المتحدة ومقاصدها وما بذلته البلاد الأردنية من تضحيات جسام وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، فأصدر المجلس التشريعي الأردني بالإجماع القرار التاريخي بإعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تامًا وذات حكومة ملكية وراثية، والبيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين بوصفه ملكًا دستورًيا .
وألقى الملك المؤسس الشهيد عبدالله الأول خطابه التاريخي، الذي أكد فيه أن يطالع الملك الشعب بالعدل وخشية الله لأن العدل أساس الملك ورأس الحكمة مخافة الله، وسيبقى مثابرًا على خدمة الشعب .
وهكذا تشبث الأردن ، ملكًا وشعبًا، بحرية الوطن ووحدته الترابية وتمسكه بمقوماته وهويته العربية والإسلامية، وكان الأمير عبدالله بن الحسين ومنذ تأسيس الإمارة، قد وضع نصب عينية تحقيق الحلم العربي الذي كانت ترنو إليه الثورة العربية الكبرى بدولة عربية مستقلة في الحجاز وبلاد الشام والعراق، ويسجل التاريخ له محاولاته العديدة في سبيل وحدة البلاد الشامية والعراق ضمن مشاريع وحدوية، بعد نكث بريطانيا للعهود وتلون مواقف بعض أبناء عروبتنا، إلا أنه استطاع أن يحقق الوحدة الأردنية الفلسطينية التي تعد نموذجًا في تاريخ العرب الحديث.
نعم لقد ناضل الأردنيون الأحرار بقيادة آل البيت الأطهار في سبيل حرية الأمة العربية واستقلالها، تواصل مع الحركة الوطنية وتعد نعم ، أان مناسبة الاستقلال مناسبة خالدة وهامة تدرك من خلالها الأجيال الجديدة حجم التضحيات التي بذلها أجدادهم للتحرر من الاستعمار والانتداب ، واسترجاع استقلال الأردن ، والحق يقال ان الاردنيون جسدوا كفاحهم وتضحياتهم منذ انطلاق الثورة العربية ودورهم الهام في نهضة العرب إلى جانب مظاهر مُختلفة للمقاومة والتشبث بحرية الوطن ووحدته، إذ بذلوا الغالي والنفيس في سبيل كرامة الوطن والدفاع عن مُقدساته ورفضهم للمشروع الصهيوني وإصرارهم على عروبة فلسطين.
وفي 6السادس من أيلول عام 1951 تسلم المغفور له جلالة الملك طلال بن عبدالله سلطاته الدستورية بعد استشهاد الملك المؤسس في الأقصى المبارك، ليواصل مسيرة بني هاشم الميامين وعززها بالدستور الأردني والضمان الجماعي العربي.
وفي 11 آب 1952 سلم الراية للراحل الكبير جلالة الملك الحسين بن طلال ملكًا دستوريًا وأدى اليمين الدستورية في 2 أايار 1952 وواصل المسيرة العطرة وأكمل مسيرة الاستقلال بتعريب قيادة الجيش العربي في الأول من آذار 1956 وإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957. ليكون الاستقلال كاملا .
وفي 7 شباط 1999 أدى جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة، ليواصل البناء والإنجاز والعطاء وحرصه على تحقيق الحياة الكريمة والدفاع عن حقوق الأردنيون والعرب، وحرصه على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين.
حفظ الله الأردن قيادة وشعبًا وكل عام والوطن وقائدنا الأعلى بألف خير ومبارك لسمو ولي العهد الزفاف الميمون .