الدكتور عاشور: يجب أن نخرج من مرحلة التلقين بالتعليم لمرحلة التطبيق ثم التأهيل لسوق العمل
صدى الشعب – ندى جمال
يشهد قطاع التعليم تحولات سريعة ومتغيرات متلاحقة تجعله يتحمل عبئًا كبيرًا في تأهيل جيل جديد يكتسب مهارات وخبرات تجعله يتكيف مع هذه المتغيرات، ولذلك فمن واجب التعليم البحث والكشف عن القدرات الكامنة بين أفراد المجتمع والعمل على تنميتها واستثمارها، حيث بدأ قطاع التعليم الأردني يتبني مفاههيم جديدة تأخذ طريقها إلى التطبيق في العملية التعليمية ومنها المدرسة المنتجة.
ويقول عميد كلية التربية بجامعة اليرموك ورئيس مركز الجودة والتطوير سابقاً والمتطوع حالياً مع العديد من المدارس الأستاذ الدكتور محمد عاشور، إن مشروع المدرسة المنتجة جاءت كفكرة مختلفة عن المدارس التقليدية ولا يقتصر تركيزها على التلقين والمعرفة بل تتضمن جوانب تطبيقية قائمة على مبدأ اكتفاء المدرسة احتياجاتها بنفسها، وتأهيل الطالب لسوق العمل فيما بعد، وكذلك تطوير الحس بالمسؤولية والاعتماد على الذات والبعد عن الإتكالية، مشيرًا إلى أن
بعض أباء الطلبة من فئة محدودي الدخل، وبالتالي لا يستطيع الطلاب الحصول على مصروف يكفيه، ومن هنا تأتي الفرصة لإيجاد فرصة أمامه للكسب وتحسين وضعه المادي ولو بنسبة بسيطة.
وبين بأن النظرة التعليمية تتوجه حاليًا لإيجاد جيل منتج، حيث أصبح الطالب على اطلاع على احتياجات مجتمعه
، وبالتالي فتح الفرصة ولو بمشروع صغير ولا ننسى عملية التسويق والاستثمار وإدارة الموارد والبحث عن تمويل وحتى المدرسة نفسها تخرج من نطاق الدعم الحكومي ويصبح لديها عائدات من المشروع تنفقها في التعليم، لافتًا إلى أن هذا المشروع طبق في 90 مدرسة “.
وتابع الدكتور عاشور، أنه بإمكان الطلبة والطالبات تنفيذ ذلك ومن ثم الترويج والبيع، كمثل مشتل زراعي صغير، والزعتر، والزيتون، والميرامية، والورود، وإعادة تدوير الورق، وإعادة تدوير الملابس القديمة، والحياكة والتطريز، وتجديد الأدراج الدراسية ودهانها، وإعداد المعجنات والمخبوزات والحلوى، حتى تطور الأمر ليصل للصناعات والإبتكار مثل الإلكترونيات البسيطه، مثل روبوت ومصنع من أسلاك وقطع كهربائية قديمه، وذلك بإشراف مدرسين التربية المهنية والعلوم، حيث ينقسم المتطوعون لعدة فئات، منها فئة الدعم المادي لشراء الأدوات والخامات، وفئة الإشراف والتعليم والتدريب، والفئة المنتجة، والفئة المسوقة (البيع)، وبهذا يكون الطالب تدرب على جميع مراحل المشروع بدءاً بالفكرة وتنفيذها وإنتاجها مروراً بالترويج من خلال البازارات وانتهاءً بالعوائد الربحية.
ويتابع :”هذه التجربة شاهدتها عندما عشت في الولايات المتحدة الأميركية، وسلطنه عمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرًا إلى أنه قام بنقلها إلى الأردن وكانت الانطلاقة من محافظة إربد، معربًا عن أمله بأن تعمم التجربة على جميع مناطق المملكة، وتنطلق من المرحلة الجزئية إلى الكلية وتتجه نحو المسار الإنتاجي.
وعن التحديات التي تواجه مشروع المدرسة المنتجة، قال الدكتور عاشور:” تكمن التحديات والمعيقات بمدى الصلاحيات الممنوحة لمدير المدرسة، حيث يتطلب أي تبرع يقدم للمدرسة بأن يكون ضمن محضر ويقدم للإدارة المدرسة ليوقع عليه بعلم من مدير التربية ويتم تشكيل لجان داخل المدرسة من طلاب ومعلمين وأولياء أمور وبعدها تحول الأرصدة، باسم المدرسة بوزارة التربية والتعليم بحساب خاص وعند سحب المبلغ تمر بمراحل عديدة جميعها إجراءات معقدة وتستغرق وقتًا للمتابعات والموافقات.
وأعرب الدكتور عاشور عن أمله بأن يكون هناك مرونة أكثر وإعطاء المزيد من الصلاحيات للمدرسة لتتمكن من التحرك بإتجاه التنفيذ، مشيرًا إلى أنه لا يوجد دعم حكومي بهذا الخصوص وجميعها تبرعات من بعض البنوك ورجال الأعمال وأصحاب الخير من المجتمع المحلي.
*صنعة وشهادة
ويرى مدرس التربية المهنية بإحدى مدارس محافظة إربد أحمد العزام، أن مشروع المدرسة المنتجة أصبح ناجحًا، خاصة في ظل الظروف المادية الصعبة التي يعاني منها الجميع، ومنهم أولياء الأمور، مبينًا أنه من الجيد أن يتعلم الطلبة الاعتماد على أنفسهم والكسب المادي ليساعدوا ولو بشكل بسيط، طالما أن العمل يكون بعد الدوام وأيام العطل دون التأثير على تحصيلهم العلمي.
وأكد بالقول، أنه ولكي يكون ذلك محفزًا ومشجعًا فإنه يعمد وبداية كل عام بتشكيل فريق من طلابه من المراحل الإعدادي والثانوي، ويعلمهم النجارة والحدادة البسيطة وأعمال الدهان والتمديدات الكهربائية مع مراعاة السلامة العامة والأمان، حيث يبدأ تدريبهم على صيانة المقاعد القديمة وتجديدها إلى جانب طلاء الجدران، حيث توفر المدرسة مواد مثل، الدهان، والمسامير وغير من المستلزمات الخفيفة، وعليه تكون المدرسة قد وفرت شراء مقاعد وطاولات وفي هذه الحالة يكون الطالب تعلم صنعة وشهادة.
* تجمع تجاري صغير
وتقول الطالبة بالصف الحادي عشر علمي ريم البطاينة :” من أجمل الفعاليات التي تقيمها المدرسة هي “البازارات” ضمن اليوم المفتوح ويكون في نهاية العام الدراسي لمدة 3 أيام متتالية، حيث يعرض الطلبة جميع المنتجات التي صنعوها بأيديهم بإشراف المعلمين في المدرسة، وهو بمثابة “تجمع تجاري صغير” تتواجد في خيمة بساحة المدرسة، مشيرة أنها شاركت بعمل المخبوزات مثل”المناقيش، والبيتزا” والحلوى مثل “التارت بالفواكه ،والبيتيفور” وبدأت في مرحلة بتوفير المال من مصروفها لشراء اللوازم وبأسعار مناسبة، ثم جاءت مرحلة التصنيع التي أخفقت فيها مرات عديدة ولكنها لم تحبط وأصبحت حالياً متمرسة وتشارك في معارض وبازارات خارج المدرسة
*مصروفي من عملي
ويعبر الطالب بالصف التاسع محمد خلدون عن سعادته بالتجربة، لأنها توفر له دخلا ولو أنه قليل، إذ قلما يطلب مصروفه من والده إلى جانب تعلم مهارات، مثل إعادة التدوير من العلب البلاستيكية والحديدية المتبقية من المواد الغذائية والتنظيفية، وأيضاُ تصنيع الصابون والشموع والحفر على الخشب، حيث يقوم بتسويق تلك ببيع المنتوجات وذلك بمتابعة مباشرة من معلمه .
![](https://shaabjo.com/wp-content/uploads/2023/04/55-5-768x1024.jpg)