صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد خبراء سياسيون وقانونيون أن سياسات التهويد وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، التي تعتمد على أسس دينية بحتة، تشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي.
كما شددوا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب”: على أن سياسة الضم التي يتبعها الاحتلال تُعتبر خرقًا فاضحًا للاتفاقيات الدولية وتلغي حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وأشاروا الى أن بناء المستوطنات تأتي في سياق طموحات الاحتلال الإسرائيلي نحو الضم والسيادة الرسمية على الضفة الغربية.
وكان مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر “الكابينت” وافق على ، الاعتراف بــ13 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية،
المومني: بناء المستوطنات الضفة الغربية أصبحت أولوية لليمين المتطرف
وفي هذا الإطار قال عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية، الدكتور حسن المومني، إن التحالف القائم بين اليمين القومي الإسرائيلي المتشدد واليمين الديني المتطرف يهدف في الوقت الحالي إلى التركيز على الضفة الغربية، التي تُعتبر وفقًا لهم (يهودا والسامرة).
وأضاف، أن الاحتلال الإسرائيلي، منذ احتلالها للضفة الغربية، اتخذت العديد من الإجراءات لتهويد المنطقة، إلا أن الأساس الذي يتم من خلاله التهويد حالياً في الضفة الغربية أصبح ذا طابع ديني محض، يستند إلى التلمودية.
وأوضح أن المستوطنات تقام الآن على أسس دينية، مما يشكل خطورة كبيرة، مشيراً إلى أنه في الماضي كان التيار القومي، سواء اليساري أو حتى الوسط، أكثر براغماتية، لكن الوضع الآن مختلف، حيث يعتبر التيار الحالي أن الضفة الغربية تعد الأهم، بل قد تكون أكثر أهمية من باقي فلسطين التاريخية، على اعتبار أنها (يهودا والسامرة).
وأشار إلى أن الإجراءات المتخذة، سواء كانت من خلال الحرب على غزة أو عبر الإجراءات العسكرية والإغلاقات، أو محاولات خلق ظروف قاهرة لتهجير السكان، تتماشى جميعها مع التوجهات الإسرائيلية.
كما أشار إلى أن ضم الضفة الغربية هو استيلاء على أراضي الغير بالقوة، وهو أمر كان سببًا للعديد من الحروب في التاريخ وفي سياق السياسة الدولية.
وأكد أن موافقة الولايات المتحدة وصمت المجتمع الدولي على هذا الإجراء يعني العودة إلى نقطة الصفر في مسألة جعل الضم والاستيلاء أمرًا طبيعيًا، وهو ما يتعارض مع مبدأ رئيسي في القانون الدولي، ينص على عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة وضمها.
وبين أن ضم الاحتلال للضفة الغلربية يعني إنهاء حل الدولتين وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، حيث يتم التعامل مع الفلسطينيين كمجموعات بشرية بدلاً من التعامل مع الأرض.
وأوضح أن الضم الذي يتم تحت القانون الإسرائيلي والإدارة المدنية يمثل انقلابًا على اتفاقات أوسلو، ويؤدي إلى فقدان حقوق المواطنين الفلسطينيين.
وأضاف أن بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي يتم من خلال قوانين تتيح حجة مصادرة الأراضي، ما يعرض العديد من المنازل الفلسطينية للمصادرة بحجة البناء غير المرخص، موكداً أن الضم في النهاية يؤدي إلى إلغاء هوية الشعب الفلسطيني.
الشنيكات: الاحتلال يسعى لتدمير المخيمات وتغيير الواقع الجغرافي بالضفة
من جانبه أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد الشنيكات، أن مخططات الاحتلال الإسرائيلي لضم الضفة الغربية، خصوصًا بعد الاعتراف بـ13 مستوطنة، تسير بوتيرة متسارعة، حيث أصبحت هذه المخططات سياسة فعلية لحكومة الاحتلال.
وأوضح أن المسؤول عن إدارة هذا المشروع بشكل رئيسي هو بتسلئيل سموتريش، رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، ووزير المالية، والذي يتولى أيضًا مسؤولية ملف المستوطنات في الضفة الغربية.
وأشار إلى أن الاعتراف بـ13 مستوطنة وبناء مستوطنات جديدة يعكس إصرار الاحتلال الإسرائيلي على عدم التنازل عن الضفة الغربية، ما يَحُول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية أو أي شكل من أشكال السيادة الفلسطينية.
وأوضح أنه رغم ما تم الاتفاق عليه في اتفاقيات أوسلو، التي كانت قد نصت على تخصيص أكثر من 23% من الضفة لصالح الفلسطينيين، إلا أن هذه النسبة تتقلص بشكل مستمر، بل يتم فعليًا إلغاؤها.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية، وفقًا لما يتفق عليه كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، تتجه نحو تفكيك السلطة الفلسطينية، رغم أن السلطة كانت أداة مفيدة للاحتلال من خلال التنسيق والتعاون مع الجيش الإسرائيلي في مواجهة المقاومة.
وبيّن أن القضية الأساسية في هذا السياق هي محاولة الاحتلال استبدال السلطة الفلسطينية، حيث يتم التفكير في بديل يتضمن التعامل مع المدن الفلسطينية بشكل منفصل، بحيث يُنشأ في كل مدينة ما يشبه “مجلس المدينة” أو اقتراحات للقرى، على أن تخضع هذه المدن مباشرة لسلطة الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن عملية الضم ستؤدي حتماً إلى تضييق كبير على حياة الفلسطينيين، من خلال تشديد الإجراءات على الحواجز، تقييد رخص البناء، وفرض عقوبات متعددة، مما قد يدفع الفلسطينيين في النهاية إلى مغادرة أراضيهم.
وأكد أن هذه السياسات جزء من تفكير اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي ينفذ عمليات تجريف واسعة في مناطق مثل مخيم جنين، مخيمات طولكرم، مخيم عقبة جبر في أريحا، وغيرها من المخيمات، بهدف تدميرها نهائيًا.
وبيّن أن الهدف من هذه العمليات هو تغيير الواقع السكاني والجغرافي لتلك المخيمات، التي تمثل كتلة صلبة بالنسبة للفلسطينيين، مشيراً الى أن تهجير سكان هذه المخيمات يساهم في تلاشي الوجود الفلسطيني في هذه المناطق، مما يفتح الطريق أمام مشروع الاحتلال، ويقضي على أي عقبات أمام تنفيذ سياساته.
نصراوين: بناء المستوطنات بالضفة الغربية تدخل بإطار جرائم الحرب والتهجير
من جهته أكد أستاذ القانون الدولي، ليث نصراوين، أن قضية بناء المستوطنات من قبل الاحتلال الإسرائيلي تعتبر من المواضيع القانونية القديمة والجديدة في الوقت نفسه، مشيرًا إلى أن هذه القضية قد تم الحسم فيها بشكل واضح من خلال العديد من القرارات الدولية التي صدرت عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات دولية أخرى.
وأوضح نصراوين أن هذه القرارات تؤكد أن “القدس يجب أن تبقى محمية وفقًا للوضع التاريخي لها، ولا يجوز المساس بهذا الوضع أو تغيير معالم المدينة”، لافتًا إلى أن قرارات مجلس الأمن كانت قد دعت إلى ضرورة انسحاب الاحتلال من الضفة الغربية، واعتبرت الوجود الإسرائيلي في هذه المنطقة احتلالًا مخالفًا للقانون الدولي.
وأضاف أن الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو قد أصدرت العديد من القرارات التي تحث على الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي لمدينة القدس، ما يعني أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من بناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية يعد انتهاكًا صارخًا لهذه القرارات والمعاهدات الدولية.
وأشار نصراوين إلى أن “الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية يعد مخالفة جسيمة للمواثيق والقرارات الدولية، ويشكل انتهاكًا لحقوق الشعب الفلسطيني”، مؤكدًا أن هناك توافقًا واسعًا بين مختلف الدول والمنظمات الدولية على أن بناء المستوطنات يعد خرقًا للقانون الدولي، وبالتالي لا حاجة لإصدار قرارات جديدة لتأكيد هذا الأمر.
وتابع ان هذه السياسات الاستيطانية لا تقتصر على كونها انتهاكًا للقانون الدولي، بل تشمل أيضا جرائم التهجير وسلب الأراضي الفلسطينية، وهو ما يدخل ضمن إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي تُعاقب عليها المحكمة الجنائية الدولية.
واعتبر أن استمرار هذه السياسات من قبل الاحتلال يشير إلى تعنت واضح في مخالفة المواثيق الدولية، وهو ما يعكس إصرارا على تجاوز القوانين الدولية التي تهدف إلى الاستقرار في المنطقة.
وفيما يتعلق باتفاقية السلام بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، أشار نصراوين إلى أن الاتفاقية تنص على وضع مدينة القدس والأراضي المقدسة، مشيرًا إلى أن “بناء المستوطنات في القدس من قبل الاحتلال يُعد خرقًا صريحًا لهذه الاتفاقية”، حيث تُشير الاتفاقية إلى ضرورة الحفاظ على السلام بين الدولتين الأردنية والإسرائيلية، بينما ما يقوم به الاحتلال من استيطان وطرد للفلسطينيين يشكل تهديدًا للأمن والسلام في الأردن، ويُعتبر خرقًا واضحًا للاتفاقية.