وقف تداول “الحظر الشامل”

 

ما رأيكم، حكومة ومختصين ووسائل إعلام وجمهور، أن نتفق على حظر استخدام مصطلح الحظر الشامل من قاموسنا.
في الأصل تجربة الحظر الشامل لم تطبق في الأردن سوى أيام قليلة جدا، هل تذكرون؟ فبعد التجربة الفاشلة لتوزيع الخبز بالباصات، سمحت الحكومة للمواطنين بالخروج إلى الشوارع لقضاء حاجاتهم مشيا على الأقدام، وفتحت المحال التجارية أبوابها لساعات. وكان هناك عشرات الآلاف من المواطنين ممن يحملون تصاريح تخولهم التنقل طوال الوقت.
عمليا لم يكن هناك حظر شامل بالمعنى الفعلي للكلمة، لأن تطبيق مثل هذا المفهوم مستحيل حكما.
في وقت لاحق جرى تطبيق نظام فتح وإغلاق مرن للأسواق قبل أن تعود الدوائر الرسمية للعمل ومعها مؤسسات القطاع الخاص، التي سمح لها في مرحلة من المراحل بالعمل بنظام الشفتات.
تدابير الإغلاق في أنحاء العالم كافة لم تتضمن حظرا شاملا، بل قيودا بدرجات متفاوتة وحسب الوضع الوبائي على حركة الأفراد والأسواق. صحيح أن قطاعات أغلقت أبوابها بشكل كامل ولفترات طويلة، وبعضها ما يزال مغلقا لغاية الآن، لكن هذا لا ينطبق عليه مفهوم الحظر الشامل بل الجزئي.
حاليا الوضع الوبائي في أسوأ مراحله؛ ارتفاع في أعداد الوفيات والإصابات ونسب الفحوص الإيجابية، وقد نبقى على هذا الحال لعدة أسابيع، لكن الحظر الشامل غير وارد على الإطلاق،لاستحالة تطبيقه.
يمكن للسلطات المختصة أن تشدد الإجراءات، لكن إغلاق الأسواق ليلا ونهارا غير ممكن، ومنع حركة التنقل في ساعات النهار يعني تعطيل حملة التطعيم ضد فيروس كورونا، والتي بدونها لن نتمكن من الوصول إلى مرحلة التعافي.
والحظر الشامل يهدد بتوقف حركة الإنتاج في القطاعات الصناعية والزراعية، ما يعني أزمة خطيرة في توفير المستلزمات الغذائية للمواطنين، وحدوث مجاعة بالمعنى الحرفي للكلمة، ناهيك عن خسارة الآلاف لوظائفهم، وانهيار الاقتصاد برمته.
هناك الآلاف من المرضى في المنازل يحتاجون لرعاية صحية دائمة وأدوية من الصيدليات، فكيف نمنع أهاليهم من الخروج لتأمين احتياجاتهم من الدواء والأكسجين.
دققوا بالتفاصيل اليومية لحياتنا، وستجدون ان خيار الحظر الشامل غير ممكن على الاطلاق، ولن يجرؤ أي مسؤول على التفكير فيه إلا إذا فقد عقله.
ما اقترحه هنا، هو أن نتوقف تماما عن طرح الموضوع في وسائل الإعلام، ويكف أصحاب المسؤولية عن تناوله في بياناتهم الرسمية. يمكننا أن نقول ما نشاء عن تشديد الإجراءات، لكن دون استخدام مفهوم الحظر الشامل، لأن النتيجة الوحيدة المتحققة من استخدامه، هي خلق مزيد من الإرباك في الأسواق، وإثارة قلق المواطنين، وتغذية الإشاعات الهدامة، وكل ذلك ينعكس بشكل سلبي على حياة الناس ويزيد من توترهم.
نعلم جميعا أن الحظر الشامل غير ممكن، فلماذا نستمر في استفزاز المواطنين؟!

أخبار أخرى