السيناريو ذاته للمرة الثانية

 

لا أعتقد أن الإجراءات الحكومية خلال شهر رمضان، سوف تتغير، وعلى الأرجح سنكون أمام سيناريو العام الماضي ذاته، بخصوص الشهر الكريم، وبالتفاصيل ذاتها، وهذا مجرد رأي تحليلي للمشهد، لا يستند الى معلومات نهائية، من أي طرف ما داخل الأردن.
لم تحسم الحكومة القصة بعد، لكن مؤشرات الإصابة في الأردن، من جهة، وقلة الحصول على اللقاح من جهة ثانية، تؤكد من ناحية تحليلية أننا امام سيناريو مكرر للشهر الكريم، عبر استمرار الوضع الحالي، أي اغلاق المنشآت الساعة السادسة، ومنع الحركة بعد السابعة، وعدم إقامة صلاة التراويح، تجنبا للتجمعات، سواء الاجتماعية في دعوات الإفطار، او تلك الدينية في صلاة المساجد، وهذا يعني انه لا شيء سوف يتغير حتى منتصف أيار(مايو).
الحكومة أعلنت مرارا انه لا نية للحظر الشامل، حتى الان، وعلى الأرجح أيضا، ان وصفة الحظر الشامل تثير ذعر الحكومة ذاتها، كونها تعني تراجع تحصيلاتها المالية، وعدم قدرتها على تعويض المتضررين، ويمكن القول ان قصة الحظر الشامل بصيغتها القديمة غير واردة.
وزير الداخلية، وزير الصحة المكلف، مازن الفراية قال في تصريحات صحفية له ان مليوني جرعة من اللقاحات سوف تصل الى الأردن قبل نهاية نيسان(أبريل)، وانه تم التوقيع على ثمانية ملايين جرعة، وهذا يعني من جهة ثانية ان عملية التطعيم قد تستغرق كل هذه السنة، على افتراض تجاوب الناس، وهو تجاوب لم يعد منه مفر، فنحن امام خيارين إما تفشي الوباء، وخسارة الأرواح، وانهيار القطاع الصحي، واما انقاذنا عبر حصول الغالبية على اللقاح.
لا نعرف لماذا يتردد كثيرون، بالحصول على اللقاح حتى الان، وقد سمعنا عشرات الروايات ممن حصلوا عليه، ولم يتعرضوا لاضرار، ولو قمنا بالموازنة بين اضرار اللقاح المفترضة، واضرار الإصابة بالفيروس، فان اضرار اللقاح اهون بكثير، وكأننا اليوم بين خيارين، هذا على افتراض ان اللقاح سوف يتسبب بأضرار كبيرة، وهذا غير صحيح، بشهادة الأطباء المختصين، وليس آراء الناس العادية، التي تتوهم الضرر، وللمفارقة لا تريد الاعتراف بالضرر الناجم عن الوباء ذاته، برغم ما نشاهده يوميا، من خسارة العشرات من البشر، والضغط الشديد على القطاع الصحي العام والخاص، ونقص الخدمات الصحية.
هناك لوم شعبي على الحكومات، كونها لم تتصرف بسرعة امام حدة الوباء، وبطء الاستجابة، ويفترض كثيرون ان الحكومات كان بإمكانها ان تذهب وتستدين من كل العالم، من أجل التعامل مع الوباء، وحتى لا ينكشف ظهر القطاع الصحي، وكان امامنا عام كامل، للتعامل مع هذا النقص، خصوصا، ان مسؤولين وخبراء حذروا مبكرا، من عدم قدرة القطاع الصحي على التعامل مع هذه الازمة، والحاجة الى إمكانات مالية، وتعيين كوادر، وفتح مستشفيات جديدة، دون ان ننكر هنا ان هناك إجراءات تم اتخاذها، لكن الازمة تكبر يوما بعد يوم، وتسببنا نحن أيضا بزيادة حدتها، عبر نقل العدوى، والتخلي عن الإجراءات الوقائية، وكأننا نعاقب انفسنا.
لقد ثبت ان وباء كورونا، يعيد صياغة الخرائط الدولية، والمحلية في الدول، بسبب التأثيرات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، فهذا الوباء سوف يبقى في العالم، لسنوات، خصوصا، ان اللقاحات لا تمنع الإصابة كليا، لكنها تخفف من اضرار الإصابة، وتجعل الإصابة عادية تمر بأقل كلفة على من يحصلون على اللقاح، والواضح ان هذا العام سينتقل الى العام المقبل، بالوباء ذاته، وهذا يعني ان العالم كله امام سلسلة تغيرات على مستويات مختلفة.
لم يبق لنا حل في الأردن، سوى الحصول على اللقاح، فإما الحصول عليه، واما قتل النفس والاهل، وحتى لو كانت هناك اعراض جانبية محتملة من اللقاح، فهي نادرة وقليلة، وليس ادل على ذلك من حصول ملايين البشر في العالم عليه، ولم نسمع الا عن حالات محدودة جدا، تعرضت لأضرار بعده، لكن بالمقابل نقرأ عن الملايين الذين يرحلون بسبب الوباء.
كانت الموجة السائدة في الأردن، هي التشكيك باللقاحات، وعدم الاقبال عليها، في حين كان التشجيع الرسمي في اعلى مستوياته على التطعيم، وحين اكتشف الناس، قلة الكميات المتوفرة، انقلب الرأي العام وصار يسأل لماذا لا توفرون اللقاحات؟ وبما ان اللقاحات قادمة، نرجو ان لا نعود لموجة التشكيك، وكأننا نلاعب بعضنا بعضا، وسط دوامة لا تنتهي.

أخبار أخرى