كتبت. سهير جرادات
“العرضحالجي” هو شخصية معروفة لأبناء البلدة، ويفضل أن يكون ابن العشيرة، أو ابن المنطقة “منتخب” حتى يكون له متسع من الثقة نظرًا لأنهم يعتمدون عليه فى إيصال شكواهم أو “مطالبهم” للمسؤول تحت القبة .
“عرض- حال – جي” كلمة عثمانية الأصل، تتقسم إلى شقين “عرض” و”حال”، وأُضيفت إليهما (جي) لمنحها صفة المهنة، وهو مصطلح مستخدم في الدول التي وقعت تحت الحكم العثماني للاستدلال على “كاتب العرائض” أو “كاتب الاستدعاءات” أو “الكاتب العمومي” و معناها الشخص الذي يعرض الحالة أو المشكلة على الورق.
“العرضحالجي” يقوم بمهمة الوسيط بين صاحب الطلب والمسؤول، وعليه ان يستمع للمواطن وفي النهاية يقوم بإخراج النموذج المخصص المطبوع والجاهز، وما عليه الا ان يعبئه بعبارات قوية منمقة تدل على قوته وحزمه وقدرته على استخدام العبارات الرنانة والجريئة، والأمر لا يخلو من الجرأة في الطرح أحيانا، واختيار العبارات التي تدغدغ العواطف ليظهر تعاطفه مع المواطن ومعاناته مناشدا المسؤولين النظر إلى هذه المسألة، وفي النهاية هو لا علاقة له بالقرار الذي سيتخذ، وما عليه الا ان يقدم الطلب وحتى انه غير ملزم بالموافقة على الكلمات و العبارات الساخطة التي يتبناها في كتاب الاستدعاء، وعلى المسؤول ان يتغاضى عن الكلمات والعبارات لانه لا يهتم بالتفاصيل، وكل ما يريده ان يحصل على التأييد لسياساته والإجراءات التي يقوم بها..
بعض هؤلاء “العرضحالجية” يدعون أنهم لم يجبروا المواطن على التعامل معهم ومنحهم صوته، حتى ان بعضهم نفى دفع الأموال للمواطن نظير التعامل معه ومنحة ثقته وصوته .. هذا المواطن “المحبط ) الذي فقد الثقة والقدرة على التغير، أصبح يبحث عن “العرضحالجي” ليعرض مظلمته ومطالبه التي يبحث عن حل لها، ومناشدة المسؤول ليقدم له التسهيلات والحصول على “مقعد جامعي، اعفاء طبي، وظيفة، فتح شارع، تزفيت شارع، الحصول على رخصة خط باص” ..
علاقة “العرضحالجي” مع الجهات الحكومية يشوبها الغموض، حيث تنكر الحكومة علاقتها معهم، وان وجودهم في “مجمع العبدلي” جاء بقرار فردي وبحرية وديمقراطية محضة، ودون تدخل من أجهزة الدولة ..
رأسمال هذا ” العرضحالجي” هو طاولة وكرسي ومظلة مربوطات بجنزير بطرف الشباك تحت الدرج او حول الشجرة .. ورغم ذلك أصبح لهم رئيس “ينتخب صورياً” يعرف باسم “كبير العرضحالجية”
“العرضحالجي”.. الكاتب الذي لمع بريقه في زمن القمع واللاديمقراطية، انتشرت مهنتة بكثرة في دول العالم الثالث اللاديمقراطية، حيث تنتشر فيها الأمية والجهل والبيروقراطية والتعقيدات الإدارية، وتعد البلدان العربية من أكثر الدول التي تنتشر فيها تلك المهنة “العرضحالجية”.