صدى الشعب – كتب سميح المعايطة
لسنا دولة عظمى ولسنا دولة بامكانات مادية هائلة ولسنا دولة بلا مشكلات ولا تحديات، ولسنا في اقليم جغرافي وسياسي هادئ ومستقر ومشغول بالتنمية وليس غارقا بالحروب والازمات واللجوء والدمار، ولسنا دولة بلا اعداء وخصوم معلنين او مبتسمين في وجوهنا، ولسنا دولة خالية ممن يكيدون لها ويتمنون سقوطنا بل ويعملون لهذا، ولسنا في جزيرة معزولة عن ازمات الجيران وحتى العالم، ولا ندفع ثمنا لكل ازمة هنا او هناك، لكننا مع كل هذا لانخاف على الاردن مما يتمناه لنا البعض او يعملون على توريطنا به، ونقول لكل محبي هذا البلد واهله لاتخافوا على الاردن مما يستمع البعض في تسويقه تحليلات او اخبار او توقعات، فهذا البلد يعرف طريقه جيدا ويعرف معادلة البقاء والقوة والحضور وخافوا على الآخرين حتى من هم ظاهريا بعيدين عن الازمات.
لانقول هذا عاطفيا او حبا لبلدنا فقط، ولا نقول هذا من باب رفع الروح المعنوية لكننا نؤمن ان لدى الاردن مالا يملكه البعض وهو القدرة على فهم المعادلات والعمل بذكاء وحكمة لتجاوز المراحل الصعبة.
المنطقة في حالة قلقة ومن الممكن أن تشهد بعض التحولات لكننا لسنا دولة مراهقة ولسنا مغامرين الى درجة الحماقة كما هي تجارب البعض، ودولة تستطيع ايجاد معادلة بين مواقفها ومبادئها وبين مصالحها، دولة تقرأ العالم جيدا، وتقرأ المراحل والدول التي حولنا ومن تملك قرار العالم.
الاردن دولة تفرق بين التحديات والازمات وبين الاقدار، فان تأتي ادارة امريكية متشددة ضد القضية الفلسطينية او ان يذهب كيان الاحتلال نحو التطرف والإرهاب فكل هذه ازمات وتحديات توجب التحرك والعمل الجاد لكنها ليست أقدار إلهية تستوجب الاستسلام لها.
منذ ان كانت إمارة شرق الاردن كان المشروع الصهيوني، وعبر عقود الدولة كانت المؤامرات على الاردن وهويته وبقائه، وحتى ازمة غزة والعدوان عليها كان الاردن لدى البعض في الداخل والخارج هو الهدف وأمنه واستقراره كان لدى هذا البعض اولوية اكثر من مواجهة الاحتلال، لكن الاردن بلد يعرف طريقه.
التحديات كبيرة، والازمات لها اثمان، وفي بعض المراحل تتضاءل قائمة الأصدقاء وتكثر الاعداء لكن فرق بين ازمة ومعادلة وجود واستمرار واستقرار وحفاظ على هوية الدولة والمجتمع.
من يستحقون الشفقة ليس الاردن بل أولئك المراهقون الذين سقطوا مع اول ازمة كبرى، ومن يجب ان يخافوا هم الذين غابت عنهم الحكمة فاخذوا بلدانهم وشعوبهم الى الدم والدمار، ومن يجب ان يجتاحهم القلق الذين جعلوا مصير بلدانهم بيد دول اخرى واصبحوا وكلاء لمشاريع اقليمية.
لاتخافوا على الاردن رغم قلق الإقليم وازماته والتحديات الكبرى، فقيادته بيت الحكمة في الإقليم، وشعبه يملك مفاتيح الوعي، ومؤسساته تعمل وفق مخزون التجربة الطويلة، لاتخافوا على الاردن فنحن اكثر من كنا في مرمى الخصوم من القريب والبعيد لكن فضل الله ورحمته ثم قدرة البلد واهله جعلنا حاضرين بل بوابة الخير والعون للاشقاء والاصدقاء.