صدى الشعب – كتب محمد داودية
استشهدتُ بمقولة المعلم طارق مصاروة: «الأردن هو المكان الأكثر أمنا للمعارضين الأردنيين» !! في إحدى مقالاتي، فوصلني ان تلك المقولة لم تنطبق على ناهض حتر !!
القصد واضح، وهو ان النظام السياسي الأردني الهاشمي، لم يلجأ إلى اغتيال المعارضين، كما فعلت الكثير من الانظمة العربية المتوحشة.
أدان الملك عبد الله جريمة اغتيال الشهيد ناهض حتر، حين عزى به وبرفقته سمو الأمير الحسين ولي العهد، في بيت الفحيص يوم 29 أيلول 2016.
لقد قاد ظلمٌ وتضليلٌ وتحريضٌ واسعٌ، وضَلالٌ كثيف، إلى اغتيال الكاتب والشاعر والمفكر التنويري البارز ناهض حتر، قبل ثماني سنوات.
شرح ناهض: «شاركتُ منشورًا يتضمن كاريكاتيرًا بعنوان «رب الدواعش»، وهو يسخر من الإرهابيين وتصوّرهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الإرهابيون».
كتب ناهض في 20 أيلول 2012 مقالة بعنوان «انتصارا لرمزنا القومي» ذاد فيها عن رسولنا الكريم، حين أساء إليه رسامون أجانب.
جاء في مقالة ناهض «إن الرسول العربي (ص) رمز مربع الأركان: رمز ديني للمسلمين. ورمز قومي للعرب. ورمز ثوري للمناضلين من أجل التغيير. ورمز مدني للقائلين بالدولة المدنية. وليس في باب الحرية، بل في باب العدوان، ان تقع الإساءة إلى درة التاج في رموز الأمة”.
وقال ناهض: «تجرحني الإساءةُ للرسول».
اعرف صديقي ناهض منذ منتصف السبعينات، كنت أتردد، على منزل أسرته السلطية المتدينة الودودة في وسط عمان، لم أعرفه إقليميًا ولا ملحدًا ولا معاديًا للدين.
أعرفه رقيقًا إلى درجة لا توصف، وصلبًا إلى درجة لا تُعرف. لم يكن عنيفًا ولا عنفيًا ولا مرتزقًا.
اذا كانت الدهماء تملك كل هذه القدرة على الظلم واغتيال كاتب، وهو يوشك ان يمثُل أمام القضاء، فلماذا لم تتمكن قوى الخير والحق والعدل، من مواجهة تلك الحملة الظالمة وتبصير الرأي العام بحقيقة التهمة الكاذبة ؟!
الجواب: لأن النخبة تخاف، وتتواقى، وتتدارى. ولأنها مبعثرة.
خسارتنا فادحة برحيل الكاتب الوطني التقدمي الحر الجَسور ناهض حتر الذي لم يُعوض.
- (مقالتي في الدستور يوم الثلاثاء).