صدى الشعب – كتب عون الطاهات
في قرار هو الأجرأ على الإطلاق منذ سنوات، أعلنت الحكومة الأردنية حظر جماعة الإخوان المسلمين، وإيقاف جميع أنشطتها، مع إغلاق مكاتبها المنتشرة في أنحاء المملكة، إثر معلومات أمنية دقيقة كشفت عن خطط خطيرة كانت الجماعة تعد لها، شملت تصنيع صواريخ ومتفجرات، الأمر الذي شكل تهديدًا مباشرًا لأمن الدولة واستقرارها.
التحرك الأمني لم يكن عابرًا ولا وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكمات من المتابعة والرصد والتأكد من أن الجماعة تجاوزت الخطوط الحمراء، وتحولت من كيان دعوي إلى تنظيم يعمل في الظل، يبني ما يشبه جيشًا صغيرًا بغطاء ديني وشعارات طهرانية، كانت دومًا تُخفي تحتها نوايا عبثية تتناقض مع مفهوم الدولة.
ما حدث اليوم يكشف حقيقة صادمة للبعض، لكنها معلومة جيدًا لأجهزة الدولة ولمن يقرأ المشهد بعين ناقدة. الجماعة التي لطالما تغنت بالقيم والنقاء والطهر، كانت تخبئ بين جدران مكاتبها مخازن لمواد متفجرة ومخططات تهدف إلى زعزعة الأمن. هذه ليست جماعة سياسية معارضة، بل تنظيم سري يحمل مشروعًا موازٍ للدولة، ويهدد كيانها من الداخل.
الإجراءات التي أعلنها وزير الداخلية لا تمثل فقط تصحيحًا للمسار، بل صفعة قوية في وجه كل من راهن على صمت الدولة، أو ظن أن الغطاء الديني سيكون كافيًا لحماية مشروعٍ هدام. اليوم الدولة تقول كلمتها: لا قداسة فوق الأمن، ولا عباءة دينية تبرر الخيانة.
لكن في خضم هذا الحدث الأمني الخطير، يبرز سؤال سياسي جوهري: هل تفتح هذه التطورات الباب أمام قرارات سيادية أخرى، كحل مجلس النواب؟ الشارع الأردني بات يتحدث بصراحة عن الحاجة إلى وجوه سياسية جديدة، بعد أن فشل البرلمان في أن يكون سدًا منيعًا أمام تمدد التيارات المتطرفة، أو حتى منبرًا حقيقيًا للشعب.
الملك، وهو الحامي الأول للدستور، يواجه لحظة فارقة، لحظة تتطلب إعادة تقييم للمشهد بكامله، من النخب السياسية إلى المنظومة التشريعية، بما يضمن تطهير الحياة العامة من كل من تلوث بوهْم الطهر، وارتداء عباءة الدين ليتخفى من تحتها مشروع الخراب.
اليوم، يسقط الوهم… وتبقى الدولة.