العين عبدالحكيم محمود الهندي
في ظرف عربي ودولي غير عادي، تأتي زيارة سمو الشيخ مشعل الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة إلى الأردن، ليلتقي أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في زيارة “دولة” لربما هي من أوائل زيارات سموه الخارجية منذ توليه سلطاته الدستورية، وفي هذه “رمزية” عميقة، وربما تختصر الحكاية.
تاريخياً، كانت عمان والكويت مضرب مثلٍ في عمق التنسيق والتلاقي السياسي تجاه كثيرٍ من القضايا العربية والإسلامية والدولية، فالقضايا والعلاقات لطالما كانت “مشتركة”، ولعل من أهم ما يؤشر على “عمقها” وصلابتها حجم الاستثمارات الكويتية الكبير في الأردن والتي وصلت الى نحو 14.2 مليار دينار، وهذا أول ما يعكس، فإنه يعكس حجم الثقة الكبير والراسخ بين البلدين الشقيقين، وهي الثقة التي متّنت قواعدها، ورسختها في الأرض، حكمة القيادة في البلدين الشقيقين على مر التاريخ.
وفي المحطات السياسية، بل والمخاضات العسيرة، التي مرت بها العلاقات العربية – العربية، كانت عمان والكويت دائماً، صوت العقل و”العقلانية”، فلطالما آمنت قيادتا البلدين بأن الفرقة والخلاف والنزاع، لن تكون إلا من أسباب وهن وضعف الأمة، وأما الحوار والتلاقي وتقريب وجهات النظر، والقفز عن الخلافات، مهما عظمت، فإنها تكفل تلاحم هذه الأمة وتعاضدها، وتشد من أزرها، وهذا ما كان على الدوام، ديدن القيادتين الرشيدتين في العاصمتين العروبيتين.
وفي هذا الوقت الحساس الذي تمر فيه قضية كل العرب والمسلمين، القضية الفلسطينية، بأوقات هي الأكثر دقة، والأكثر تعقيداً، تبدو الحاجة ملحة إلى العقل الرشيد والحكمة السياسية، والضمير العربي، وعليه فإن كل الأنظار تتجه إلى مباحثات جلالة الملك عبدالله بن الحسين وأخيه سمو الشيخ مشعل الصباح، في عمان، فعمان والكويت، واللتين تلاقيتا في النهج السياسي تجاه فلسطين، وتجاه غزة بالذات، وتأكيدهما المستمر بضرورة وقف آلة القتل الصهيونية، ورفع الأذى والظلم عن الأهل في غزة، فإنهما، أي عمان والكويت، تشكلان ثقلاً سياسياً دولياً لا يُستهان به، ونحسب بأن هذا اللقاء الكبير بين الزعيمين الكبيرين، سيشكل نقطة بداية لتحرك عربي فاعل ومؤثر ليغير مجرى الأحداث ويوقف سيل دماء الأهل بآلة قتلٍ لآخر احتلال تشهده البشرية.
الآمال لم تخب يومياً في الأردن والكويت بوجود زعامات عملت دوماً على تعميق الروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين، كما أنها لم تخب يوماً بإيجاد الحلول لأعقد القضايا طالما أن عمان والكويت ما زالتا “بيت الحكمة”.