“فيلمين بتذكرة ”
كتبت : سهير جرادات
السينما تحتل مكانة مهمة في ذاكرة الجميع ، لما تحمله من دلالات ورمزية ، تأخذك إلى أحداث واقعية وأحيانا خيالية..وكانت دور السينما المنتشرة في وسط العاصمة (عمان)، ومن أشهرها ” رغدان”، و”بسمان” هي وسيلة المواطن الوحيدة للترفيه، وللدخول إليها ؛ عليك قبل أن تقطع التذكرة أن تحدد مقعدك في الشرفات العلوية التي تعرف بـ ” اللوج ” حيث المقاعد المريحة، إضافة إلى توفر خاصية ” التبزير ” والقاء قشر البزر على رأس الموجودين في ” البنوار ” ، وهي الصالة السفلية ذات المقاعد الخشبية، وبالنهاية وبغض النظر عن ثمن التذكرة فإنها تخول الجميع حضور “فيلمين بتذكرة واحدة”، وفي العادة يكون الفيلم الأول قويا، والفيلم الآخر ضعيفا غير مقنع ، وثمن التذكرة يكون للفيلم القوي، والفيلم الآخر الضعيف، يكون على البيعة. ..
وما أن يبدأ عرض الفيلم الثاني(الضعيف) حتى تصيب المشاهد حالة من الملل لضعف القصة وسوء الإخراج ، وفي محاولة يائسة لفهم الفيلم ( المفروض عليه ) يستنجد بكشك بيع الصحف والمجلات الأجنبية الموجود أمام السينما ، لقراءة التحليلات التي كتبت عنه ، ليجد رغم توفر المعلومات إلا أنها تعود للمصدر ذاته الذي يشيع ما يريد من معلومات عن الفيلم وليس الحقيقة ، وليكتشف أنها روايات غير مقنعة وغير واقعية أضعفت موقف المشاهد من الفيلم داخليا وخارجيا. ..
يعود المواطن يجر أذيال الخيبة إلى مقعده أمام شاشة العرض، ولتمضية الوقت وحتى ينتهي الفيلم يشتري من البائع الذي ينادي داخل القاعة ” كازوز بارد ” ، وذلك في محاولة أخيرة ليستوعب ما الذي يريده المؤلف والمنتج والمنفذ ، وليأسه من فهم ما يجري يستسلم للنوم ويغرق مكرها في غفوة…
وما أن يصحو من غفوته حتى يجد أن الفيلم لم ينته بعد، والبطل “نجم الشباك” غاب بعد المشهد الأول ليخرج علينا بمشهد آخر بمناسبة عائلية ، ليفاجئنا بطلبه من المشاهدين خطيا وأكثر من مرة صوتيا متابعة ما تبقى من احداث الفيلم، لعلهم يجدون ما يتمتعون به ويعوض عليهم ثمن التذكرة ، ثم يختفي بعدها البطل المجهول مكان الإقامة والمصير ..
وللفيلم بطل آخر ورئيسي، صاحب شخصية جدلية ، لم نشاهده بالفيلم ، ويدور حديث عن مغادرته لأحداث الفيلم ، لاسباب قد تكون غير معروفة للمشاهد وان كانت توقعاته قريبة من الصحة، فيما المؤلف يحرص على إيصال معلومة لنا بأنه ما زال موجودا بالفيلم ، فيما يجري الحديث عن وجود بطل ثالث في الفيلم، لم نشاهده في الاحداث وتمت تغطية دوره ، مما اربك المشاهد وبخاصة اننا لم نسمع به قبل الفيلم ، والمعلومات المتوفرة عنه تلك التي تصدر من خلال الراوي، ولانعلم لماذا تم اشراكه بالفيلم ، وما صلة العلاقة بين الأبطال الثلاثة ، حيث إن الرابط بينهم غير منطقي للمتابع!!! ..
وقبل انتهاء العرض ، يكتشف من هم في “اللوج ” أن الستة عشر متابعا ممن قطعوا تذاكر في ” البنوار” غادروا صالة العرض مؤقتا .. وفي المحصلة الفيلم من حيث الرواية ضعيف ، والإخراج سيىء وانتاجه ضعيف رغم أن المنتج اسم كبير في عالم الإنتاج ، حتى إن الكاتب لم يظهر ولم يحضر العرض كما هو الحال عند عرض الأفلام المهمة في أول عرض للفيلم في السينما!!..
في نهاية العرض يكتشف المتابعون في ” اللوج ” و”البنوار” أنهم جميعا لم يستوعبوا صلة العلاقة بين “نجم الشباك ” مع البطل الثاني في الفيلم ، ولم يتعرفوا إلى الجهات التي كان الأبطال الثلاثة يتعاملون معها ..ولم يتخلصوا من الشكوك التي تساورهم حول مصير البطل المقرب والمحبوب ، الذي يعد صاحب الحلول لسوء الأوضاع ، لذلك استحق وحده لقب ” نجم الشباك”!!!!” ..
Jaradat63@yahoo.com