لم تعدل الحكومة، مجددا، وربما تشعر بالتردد، فقد خرجت من تعديل للتو، ولا يعقل ان تذهب للتعديل مباشرة، والقصة هنا، تتعلق ربما باللياقات، وبالصبر، تجنبا للإحراجات.
وزيران في الحكومة، أحدهما يشغل موقع وزير الصحة نيابة عن الوزير غير المتوفر، والثاني يشغل موقع وزير العمل، نيابة عن الوزير غير المتوفر أيضا، وهذا يعني ان في عنق كل وزير حقيبتين، وزارته الاصلية، ووزارة جديدة، وكل وزارة بحاجة الى تفرغ كامل.
من الطبيعي ان يتمهل رئيس الحكومة، في اجراء تعديل وزاري، اذ ليس معقولا ان نكون كل أسبوع او أسبوعين، امام مراسم قسم جديدة، وقد يكون تأني الرئيس عائدا الى رغبته بتكليف من هو قادر فعلا على تولي موقعي وزير الصحة، ووزير العمل، خصوصا، ان الموقعين ضاغطان، في هذه الظروف، فالأول مسؤول عن كل الملف الصحي في الأردن، والثاني يشتبك مع قضايا العمل، والبطالة، وصولا الى الضمان الاجتماعي بكل ما فيه من تفاصيل.
ربما لدى الرئيس أسماء مقترحة كثيرة، فالأزمة لا تكمن في تعيين شخص، إذ إن عمان انشغلت أولا بتداعيات استقالة وزير العمل السابقة، التي جاءت بعد القسم بساعات، ثم تفجرت قصة مستشفى السلط، وما تلاها من تداعيات، ولم يكن الوقت مناسبا، للدخول في تعديل وزاري جديد، قبل ان تكمل الحكومة شهرها السادس، واذا كنت أعتبر التعديل الماضي، هو الأول، الا ان هناك من يعتبره الثاني، كون خروج وزير الداخلية السابق بسبب ملف الانتخابات، يعد تعديلا، برغم كونه تم على حقيبة واحدة، وفي كل الأحوال، وأيا كان رقم هذا التعديل المنتظر، الا انه يعبر عن امرين، أولهما ان المناخ لم يكن مناسبا خلال الأيام الماضية، خصوصا، اننا أيضا انشغلنا بالاجتماعات مع المصريين والعراقيين، هذه الأيام، إضافة الى الرغبة بعدم الاستعجال، حتى لا تبقى الحكومة ومن ناحية سياسية، في صورة المفرطة في عدد تعديلاتها الحكومية، في ظل ازمة صحية واقتصادية، يقر بها الرسميون والشعبيون.
لكن نقطة الضعف في كل القصة تؤشر الى ان أي حقيبة من الممكن ان يتولاها أي شخص، حتى لو لم يكن خبيرا مباشرا بالملف ذاته، كون الوزارات تدار أساسا من الأمين العام، وفرق كل وزارة، لكننا مثلا في قصة وزارة الصحة التي تولاها وزير الداخلية نفهم توليه كونه كان طرفا أساسيا في مركز الازمات، وخلية الازمة، وهو على صلة بالملف الصحي، بشكل او آخر، فيما تكليف وزير التنمية الاجتماعية بوزارة العمل، يقترب فقط من حد مشترك يتعلق بالتعويضات المالية، وعمال المياومة، وتصنيف الأسماء المحتاجة، والمستحقة للمساعدة، واذا كان تكليف هذين مفسرا على مستويات حكومية، الا انه لا يصح ان يستمر طويلا، ليس انتقاصا منهما، بل لأن ملفاتهما الاصلية ثقيلة وصعبة وفيها ما فيها من تفاصيل.
تشكيل الحكومات في الأردن، والتعديل عليها، لم يعد ملفاً شعبياً في كل الأحوال، ولو اجرت جهة محايدة دراسة على أسماء الوزراء، ووجهوا أسئلة الى الجمهور حول اسم وزير كل وزارة، لاكتشفت هذه الجهة ان غالبية الناس، لا يعرفون الا اسما واحد او اسمين، وسبب ذلك يعود الى كثرة التغييرات، وقلة الإنجازات، وغياب الثقة، وانشغال الناس بشؤونها، وعدم اهتمامها بكل ما يجري امام أولويات الرزق والحياة، دون ان يعني ذلك ان العين الناقدة غائبة، او انها لا تترصد أي شائبة في تعيين هذا الوزير او ذاك.
في كل الأحوال، هذا ملف حاضر غائب، لا يثير اهتمام الجمهور، الا من زاوية نقدية، تسأل عن سبب تأخير التعديل، واذا ما كان المكلفون بالوزارتين لديهما القدرة على الاستمرار بهذه الطريقة، وهو سؤال كان سينقلب الى نقد اكثر حدة، لو سارع الرئيس بإجراء تعديله الوزاري، ونحن للتو قد خرجنا من قصة خروج وزير العمل، او فاجعة السلط، وما تلاهما من قصص.