ماجد توبه
لم يعد الصمت العربي والاسلامي اليوم مقبولا ولا مفهوما، بل وفاجعا ومخزيا، تجاه حرب الابادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وفي غزة تحديدا، التي باتت منطقة منكوبة مدمرة على ايدي برابرة العصر الحديث وبتواطيء من حلفائهم الامريكيين والغربيين، الذي ضربوا عرض الحائط بكل المثل والقيم والقوانين الانسانية، وهم يبيدون شعبا اعزلا في غزة.
أي ذل وهوان والعرب ودولهم يراقبون ويتابعون عدوا تجرد من كل قيمة وعقل وهو يبيد الشجر والحجر والانسان وكل سبل الحياة في غزة، ويستمر في حرثه القطاع على مدى اربعة اشهر بكل انواع واشرس اسلحة الارض وقنابلها، فيما تكتفي الدول العربية والاسلامية بالاستنكارات والشجب والدعوات لوقف اطلاق النار دون اية اجراءات فعلية على الارض!
كنا نتوقف طويلا عند ما يذكره التاريخ عن غزو المغول الى ديار العرب والاسلام والاجتياح البربري لبغداد وحواضر العرب، ولم يتوقع اي منا ان في حياتنا نسخة اخرى واقسى من التوحش البربري وحرب الابادة ضد شعب عربي على مراى ومسمع منا، ودون ان يحرك فينا ذلك ردود فعل عربية، على الاقل بحدها الادنى، لمنع تكرار تاريخنا مع المغول في فلسطين.
لا تطلب غزة من عربها والعالم سوى وقف العدوان والقصف الهمجي على الناس العزل والعائلات المكشوفة امام الموت الفاجع والجوع والبرد والدمار والتشرد، لم يعد يطلب احد من الدول العربية والاسلامية تحرير فلسطين ولا اقامة دولتها.. بل حماية اطفالها ونسائها واهليها من الدمار والابادة في هذا العالم الحقير الذي سقطت انسانيته تحت بساطير مغول العصر الاسرائيليين.
لم يعد كل قاموس الكلمات كافيا للتعبير عن حجم الخذلان والذل من المواقف العربية والاسلامية الرسمية، وهي تعجز عن ادخال المعونات والمساعدات لاطفال غزة في العراء لسد رمق جوعهم وعطشهم وموتهم المجاني والمفتوح امام غربان الصهاينة.. كل هذه الدول بمئات ملايينها من البشر وثرواتها الطائلة ورايات “استقلالها” وسيادتها وقوميتها واسلاميتها تعجز، او بالاحرى لا تقدم، على اتخاذ خطوات دبلوماسية وسياسية واقتصادية حقيقية لارغام هذا العالم الظالم وامريكا والغرب على وقف العدوان على الشعب الفلسطيني ووقف حرب الابادة، التي باتت متحققة مائة بالمائة.
كيف ينظرون الى وجوههم بالمرآة.. كيف لهم ان ينظروا بعيون اطفال بلادهم وهم يقصرون عن فعل ما يلزم لحماية اطفال غزة والضفة الغربية المحتلة.. كيف ينظرون بوجوه نسائهم بعد متابعة وجبة مجازر يومية وعلى مدار الساعة تقع في غزة وتبثها وسائل اعلامهم وتلفزيوناتهم؟!
هل وصل الهوان والذل بنا الى هذه الدرجة! نعد الايام والمجازر والشهداء والضحايا بانتظار محو غزة عن الوجود وتشريد اهلها بالجوع والتهجير والقتل وابادة العائلات!
لم تعد تنفع الكلمات.. فقد ضاق هذا العالم.. وسقطت انسانيتنا وعروبتنا واسلاميتنا أمام ما يجري في غزة.. ويل لنا ولكم من التاريخ ومن عيون ابنائنا!