كتب. خالد الخريشا
تزخر الثقافة العالمية بالأقوال التي تلعن الفقر واسبابه والمسؤولين عنه ومن ذلك قول الثائر الاميركي اللاتيني تشي غيفارا “على يميني مارد اسمه الفقر وعلى يساري سفاح اسمه الاستبداد وأمامي شعب يثور عليهما ، وفي تراثنا العربي الجميع يعرف صرخة الامام علي بن أبي طالب “لو كان الفقر رجلا لقتلته”و”الفقر في الوطن ” غربة ” ومما قاله العرب ايضا “الفقر أخو الكفر” .“
وفي بلادنا العربية يعيش الملايين غرباء في وطنهم بسبب الفقر وما يترتب عليه من ذل وامتهان للكرامة وما يزيد وطأة الفقر شدة ان هذه الآفة الاجتماعية تنشب انيابها في بلد غني بموارده الجبائية والضرائبية ويعوم على بحر من الضرائب المستوفاه من المواطنين المساكين لان المواطن الاردني أضحى أغلى من الذهب الأسود البترولي ،والانكى من ذلك ان عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر في الاردن آخذ في الارتفاع واصبحوا يتكاثرون كالارانب في حقل جزر .
ويعزا هذا الارتفاع الى ان الخطط التي تُعد في مكاتب الوزارات للتخفيف من الفقر تتبخر في طريقها الى التنفيذ على ارض الواقع لأسباب متعددة على رأسها الفساد الذي لا يقل تدميرا عن الأسلحة الفتاكة في نسف كل المشاريع التنموية ونهب ما يمكن نهبه من الأموال التي يُفترض ان تُستثمر في فرص العمل والتعليم وبناء المصانع وتطوير المزارع وإنشاء البنى التحتية لتشغيل العاطلين عن العمل وتحرير المحتاجين من عبودية الفقر .
وكما قالت احدى الكاتبات المبدعات انهم يغتالون ويشطبون من ذاكرتنا كلمات واغنية موطني…الحياة والهناء والرجاء في هواك “”
لم نكن نعلم أنَّ هذه العبارات ستصبح في يومٍ من الأيام حلماً نتمنى أن يتحقق وعن أي هناءٍ سنتكلم ونحن فاقدون لمتطلبات المواطنة ألا وهي : استمرارية العيش هل هي هذه الحياة التي كنّا نحلم بها ؟
الذلّ بات مؤبداً، والشباب كلَّ وملَّ فالواقع المرير يقتل طموحنا وما أفرزته الظروف من جوعٍ وانعدامٍ للفرص جعل خيبة الأمل معقودةً على أعناقنا تمنعنا من تنشق هواء وطننا وأغلقت الأبواب في وجه أحلامنا والضباب حجب رؤية المستقبل .
فهل من حقنا أن نتطلّع إلى المستقبل ونحن لا نعلم متى سيكون دورنا في الجوع أو الموت ؟
كبرنا وكبرت أحلامنا بأن نكون جيل التغيير، جيل نهضة البلاد لكننا لم نكن نعلم أنَّ النهضة والاصلاح الذي يحدثونا عنه تصلح مع قصص الخرافات ( الغول والعنقاء والخل الوفي ) حتى الغول لو كان موجود في بلدنا سوف ينحني أمام واقعنا المرير الذي نعيشه
فقد بقيت الأحلامُ أحلاماً وأصبحنا مجرد عبيداً نسعى يوماً بكامله لتأمين رغيف الخبز
للأسف أصبح جوعنا أليماً، وأصبح وطننا غربةً… إنّ أشدَّ أنواع الغربة هي تلك التي تشعر بها وأنت في وطنك ويصحّ قول علي بن أبي طالب: ” الفقر في الوطن غربة “
كم في الوطن من جياع وكم في الوطن من متكرشين متخمين نهمين على الضياع ، تعرفنا على اسر تحصل على ما يسمى الاعانة الشهرية من صندوق المعونة الوطنية وتعيش وضعا بئسا لا يعلمه لا الله وحده.
ايها المسؤولين يا ولاة الامر ان الجوع لا يرحم وان خللا كبيرا يحدث الان من بطالة وفقر وجوع يقابله ديناصورات ومتكرشين اكلوا خيرات البلاد والعباد ودون حساب او عقاب فنار الاسعار احرقت بقايا جيوب الفقراء واحلامهم وهم يبحثون عن كسرة الخبز وقليل من المسؤولية لمحاربة غول الفساد الذي اكل الاخضر واليابس وترك لنا الرماد ولا يهمه حتى ولو احترق الوطن في لحظة الزمن.