التدريب المهني وصفة لخفض معدلات البطالة

أفرزت جائحة كورونا علامتين فارقتين: الاولى ان الجائحة فاقمت من الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والاخرى انها حفرت في الاقتصاد الوطني جراحا زادت من عمق الجراح السابقة أصلا.
بوجود جيوش من العاطلين عن العمل في كل القطاعات، ووسط معاناة الشباب مع تخصصاتهم، وصعوبة توفير الأسواق لهم ما يسد الرمق خصوصا ان معدل البطالة بين الفئات العمرية 20 و24 عاماً وصل الى 45 %، فإننا اليوم بأمس الحاجة الى خطة استراتيجية ضخمة تقوم على النهوض بقطاع التدريب المهني.
الاجندة الوطنية (2006-2015) الى استراتيجية التشغيل الوطنية للتعليم والتدريب المهني والتقني (2014-2020) قدمت توصيات كثيرة لرفع كفاءة التدريب المهني، إلا أن نسبة عالية من التوصيات بهذا الخصوص لم تنعكس على أرض الواقع، اضافة الى ان السياسات الحكومية المختلفة أضعفت مؤسسة التدريب المهني.
إننا بحاجة الى خطة وطنية شاملة ذات أذرع رسمية وأهلية تكون عابرة للحكومات، وهو ما أكده جلالة الملك حين دعا قبل ايام الى التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال التدريب المهني، وقبلها من خلال الاوراق النقاشية وتحديدا الورقة النقاشية السابعة حيث دعا جلالته الى تطوير قطاع التدريب والتعليم المهني والتقني.
لا يمكن تحقيق وبناء سلسلة وطنية من المشاريع إلا عبر ايد عاملة ماهرة، وهذه الايدي لا بد لها من تدريب، ومن هنا يأتي الدور الوطني والاقتصادي للتدريب المهني، وقد بدأ هذا الدور الهام بالفعل من خلال جامعة الحسين التقنية التابعة لمؤسسة ولي العهد.
جامعة الحسين التقنية الذي تم تأسيسها بهدف تقديم تعليم يعزّز من المهارات الأساسية والتخصصات الحيوية المطلوبة لسوق العمل، فالجامعة تحرص على مرونة البرامج وقدرتها على مواكبة التطورات العلمية والمهنية والسوقية بوضع التعليم التقني في خدمة التنمية.
المسألة طبعا لا تتعلق فقط بإنشاء جامعة متخصصة على اهميتها، او بإنشاء مشاريع من أجل التخفيف من البطالة، بل نحن نطمح الى برامج تعليمية وتدريبية تقنية متكاملة وتحسين الصورة النمطية للتدريب التقني والمهني، وانشاء مظلة وطنية موحدة تنظم وتقود التدريب المهني، وتعزيز مشاركة المرأة في عملية التعليم والتدريب التقني والمهني وادماجها في سوق العمل.
يجب ان يتحول الدور الحكومي من مقدم خدمات التدريب المهني الى مشرف خصوصا ان الجانب التنفيذي يقع على عاتق القطاع الخاص والقطاعات الانتاجية المختلفة فأهل مكة ادرى بشعابها خصوصا ان القطاع الخاص هو المستفيد من المخرجات.
العالم بدأ في الثورة الصناعية الرابعة، ودون اعادة توجيه المناهج وانشاء مظلة وطنية مستقلة لقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني تنظم وتقود هذه العملية، ستبقى مخرجات التعليم بعيدة كل البعد عن متطلبات سوق العمل وبعيدة عن التقدم الصناعي والتقني والاقتصاد الرقمي الذي نشهده على مستوى العالم.

أخبار أخرى