ماجد توبه
مرة أخرى.. ما الذي تنتظره الحكومات العربية وهي تتابع حرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة؟! ألهذه الدرجة وصل العجز العربي والإسلامي في التصدي لهذا العدوان البربري الذي ينقل حيا وبثا مباشرا على شاشات التلفزة وتباد فيه غزة شبرا شبرا ويسقط فيه الأطفال بالمئات يوميا تحت ردم القصف النازي غير المسبوق؟!
لقد بات الصمت العربي والاسلامي جريمة لا تغتفر.. ومثله الصمت الدولي عما يجري من إجرام وإبادة جماعية لأكثر من مليوني انسان. هل تكفي الإدانات الخجولة والمطالبات على استحياء ومناشدات العاجزين بوقف اطلاق النار وادخال المساعدات لوقف هذه المجزرة؟! هل استخدمت الدول العربية والاسلامية اسلحتها وأوراقها لوقف هذه المجزرة؟ ولا نتحدث هنا عن اسلحة الدبابات والطائرات فهذا حلم ليلة صيف.. لكن أوراق وأسلحة عديدة أخرى غير الإدانات الخجولة!
حتى قمة عربية طارئة ضنّوا بها على غزة وعلينا، وجاءت قمة القاهرة الدولية لتجمع الجناة والضحايا، الغرب والشرق، فتفشل حتى باصدار بيان ادانة لجرائم الحرب الاسرائيلية، وحمدا لله أنها لم تنساق وراء مواقف الغرب الملطخة أياديه بدماء ضحايا الابادة، لإدانة الضحية والمقاومة وأطفال غزة.
مليار ونصف المليار عربي ومسلم.. تهدر جماهيرهم بالغضب والألم على ما يجري في غزة تحت بصر وسمع هذا العالم الظالم، لكن هذا الهدير لم يحرك بعد حكوماتهم لاتخاذ مواقف سياسية ودبلوماسية جدية والوقوف عند مسؤولياتها تجاه مجزرة العصر المفتوحة على المدى بغزة.
في حرب تشرين الأول/اكتوبر عام 1973، عندما اخترق جيشا مصر وسوريا حدود سيناء والجولان المحتلتين وكسرا أسطورة جيش الاحتلال بادر العرب إلى إشهار سلاح النفط وقطعه عن الغرب الذي اندفع يومها لاسناد إسرائيل بكل أسلحة الأرض ودعمها. يومها لم تحدث مثل هذه الإبادة والمجازر الساحقة كما تحدث الآن بغزة، فما الذي يمنع الدول العربية والإسلامية من إشهار مثل هذا السلاح بوجه أميركا والغرب؟!
لماذا لم يفكر العرب.. ولو من باب التفكير بالتوجه فورا لمحكمة الجنايات الدولية لتحريك دعوى سريعة بحق الكيان المجرم وإطلاق حملة دبلوماسية لتعريته وتعرية ما يرتكبه من مجازر ضد المدنيين؟ وكيف تسمح حكومات أمة المليار ونصف المليار لنفسها أن تفشل في إجبار العالم على إدخال المساعدات والمواد الإغاثية لمن يتعرضون لحرب الإبادة؟
أين طرد السفراء والدبلوماسيين الإسرائيليين.. وأيضًا الأميركيين والغربيين وإلغاء الاتفاقيات أو حتى التهديد بإلغائها؟ ألا تستحق هذا الإبادة مثل هذه الخطوة؟! لماذا لا تعقد قمة عربية إسلامية مع روسيا والصين ودول أميركا اللاتينية التي ترفض حرب الإبادة وتنحاز لقضايانا بوجه الغرب المتوحش..والتلويح بخلط أوراق التحالفات العربية دوليا؟!
حتى انحياز مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى كفيسبوك وانستغرام ويوتيوب وغيرها للرواية الإسرائيلية وإقصاء المحتوى العربي عجز العرب والمسلمون عن التصدي له رغم أهمية هذه المعركة على جبهة الرأي العام الدولي..ليفعلوا مع هذه المنصات المنحازة ما يفعله الاتحاد الأوروبي من تهديد ضد منصة x (توتير) التي يريدون تدجينها ووقف فتح فضائها للرواية العربية والفلسطينية.
الصمت على حرب الإبادة لغزة ليس فقط عار لن يمحوه التاريخ.. بل هو أيضا مقدمة لمخططات ستقلب خرائط الشرق الأوسط وتطيح أكثر بالمصالح العربية وتنذر بما هو أخطر وأسوأ لنا في هذا الشرق المنكوب!