أنصف الشهيد وصفي التل – رحمه الله – الأردنيين بوصفهم
من أشد العرب إخلاصاً لقضاياهم القومية ودفاعاً عنها، وتجارب التاريخ فيها من الشواهد الكثير من التضحيات التي خاضها الأردنيون ببسالة وشجاعة وتضحية، لقد جمعت الأردنيين بأخوانهم العرب علاقة دعم واسناد أكثر من مجرد تضامن. كان يؤكد الشهيد وصفي التل أن الأردنيين بطبعهم ليسوا اقليميين، ولم يكن لدى الدولة نهجاً بتعميق نعرات الانقسام، استقطب الاردن الكفاءات العربية في الجامعات والمؤسسات الرسمية ويعرف طلبة الجامعات في الستينيات والسبعينيات والعقود التي تلتها خيرة من أساتذة الوطن العربي الأجلاء، ومؤسساتنا استقطبت اصحاب الخبرات واستفادت في مرحلة بناء مؤسسات الدولة.
كانت عمان ملجئاً للهاربين من القمع، حتى استوعبتهم وأداروا المؤسسات واحدهم ترأس احدى رئاسة الحكومات، ومنهم طلعت رشيد ورضا الركابي والمرحوم علي غندور وعبود سالم الذي قاد سلاحه الجوي، ومازل ملاذاً للباحثين عن الأمن والامان، كان الأردن ولا يزال يبحث عن تحويل التحديات الى صعوبات، حتى ثقة المواطن بأجهزة ومؤسسات الدولة كانت فريدة في محيط عربي يعج بالصراعات والانقسامات.
هل تغير الاردنيين؟ لا أعتقد ذلك لكن الظروف الاقتصادية انهكتهم، خطورة الاوضاع في سوريا والعراق وتعثر الاستثمار في الاردن وتدني فرص العمل في الخارج بالرغم من حاجة العديد من الدول الى تشغيل الشباب والكفاءات الاردنية وعدم كفاية الدخول للإنفاق الأسري حيث ينفق أغلب الدخل على فواتير الكهرباء والماء والاتصالات وكل طارئ في الاسرة من احتياجات صحية و تعليمية او صيانة منزلية او حتى استثمار حاكورة لزراعتها تحتاج الى قرض اومساعدة مالية كل ذلك ادى الى الاحباط والعزوف من فرص المشاركة البناءة سواء المشاركة السياسية وخاصة الشباب حيث انهم مستهدفون من قبل تجار المخدرات وهذه قصة اخرى !!!
لم يتغير الاردنيين لكن هناك من أفسد عليه انجازه وهناك من يقتل احلامهم، فئة قليلة من الفاسدين نهبوا ماله وافسدوا عليهم انتخاباتهم بشراء الذمم واستغلال حاجاتهم، وهناك فئة قليله تريد أن تحافظ على المكاسب والمناصب حتى ان حاراتهم لا تشبه حارات عامة الشعب ولاطفالهم مدارس غير مدارسنا، ولا أعتقد ان من باب التميز ان تكون مقرارتهم ودروسهم غير دروسنا بل التميز يجب ان يكون بجانب الدروس الاثرائيه لزيادة معارفهم فقد دخلت مدرسة من تلك المدارس لم اجد من الطلبة والهيئة التدريسيه تتحدث بلغة البلد بل بالانجليزية كيف وهذا خارج عن فلسفة الدولة.
الصورة ليست قاتمة لكنها بحاجة الى تصحيح في كل الجوانب القانونية والتربوية ملك البلاد عبدالله الثاني عاش بين الجنود يقضي اجازته يوم او يومين لدى اسرته، عرفه المكلفين بخدمة العلم، وولي العهد يتحدث بطلاقة في لغته وهو مازال شاباً،
الفرصة سانحة لاجراء حوار وطني وسياسي واقتصادي بامتياز يكون الشباب احدى الاعمدة الرئيسيه فيه وان يبدأ من الاطراف. لم يتغير الاردنيين لكن البعض تغير بحسب الموقع والامتيازات. وسيبقى الأردنيون احسن العرب وحبذا لو أدركت الدول العربية الغنية حاجتها الى الأردن كما هو بحاجتها الأردن الدولة الانموذج لم يتغير الاردنيون ولن يتغيروا، لكن أنقذوا تطلعاتهم.