الكيلاني: ضعف الوعي الدوائي يدفع المواطنين للوقوع في الفخ
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في وقت تتسارع فيه التكنولوجيا وتتوسع فيه منصات التواصل الاجتماعي، لم تعد هذه الفضاءات مجرد ساحات للتواصل وتبادل الأخبار، بل تحولت إلى أسواق افتراضية تروج لعلاجات وأدوية تُباع بلا رقابة أو ترخيص.
وهذه المنتجات التي تُقدَّم تحت شعارات براقة ووعود “سحرية”، تستدرج مرضى يبحثون عن الشفاء بأي ثمن، لكنها في كثير من الأحيان لا تجلب سوى مزيد من الخيبات والمضاعفات الصحية الخطرة.
وبين الأمل بالنجاة وخطر الوقوع في فخ الوهم، تتكشف ملامح ظاهرة باتت تهدد ثقة المجتمع بالدواء، وتطرح أسئلة ملحّة حول دور الوعي والرقابة في مواجهتها.
العلاجات والأدوية بالإنترنت بالأغلب غير معروفة المصدر
وبهذ السياق، حذر نقيب الصيادلة الدكتور زيد الكيلاني من خطورة شراء الأدوية والمستحضرات العشبية من جهات غير مرخصة، مؤكداً أن الصيدليات هي الجهة الوحيدة المخولة قانوناً ببيع هذه المنتجات، بعد أن تتم الموافقة عليها من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء.
وأوضح الكيلاني خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، أن المستحضرات المتوفرة في الصيدليات خاضعة لرقابة دقيقة، وفحوصات مخبرية تجريها المؤسسة قبل السماح بتداولها، بخلاف ما يتم تداوله عبر مواقع الإنترنت، خصوصاً المواقع غير المرخصة، والتي لا يمكن التأكد من صلاحية منتجاتها أو مصدرها، أو ما إذا كانت قد خضعت للفحوصات والموافقات اللازمة، أو إن كانت طريقة تخزينها سليمة، مشدداً على خطورة احتمال أن تكون هذه المنتجات مقلدة أو مهربة.
وأشار إلى أن نقابة الصيادلة توصي المواطنين بعدم شراء الأدوية والمستحضرات من مواقع التواصل الاجتماعي، مبيناً أن هذه الممارسات قد تكلفهم “فاتورة كبيرة”، في ظل الترويج لمستحضرات بوصفها مفيدة وتباع بأسعار تفضيلية، وهو ما وصفه بأنه “غير دقيق”.
مستحضرات التخسيس والمكملات الغذائية والطاقة والتجميل تتصدر المشهد
وقال إن المؤسسة العامة للغذاء والدواء تبذل جهوداً لمحاربة هذه الصفحات، إلا أنه ومع كل إغلاق لصفحة، يتم فتح صفحة أخرى توهم الناس بسلامة منتجاتها، رغم عدم خضوعها لأي رقابة أو فحص رسمي.
وأضاف أن أكثر المستحضرات رواجاً على هذه المواقع هي تلك المرتبطة بتخسيس الوزن، والفيتامينات والمكملات الغذائية وزيادة الطاقة والكتلة العضلية، فضلاً عن المنتجات التجميلية مثل مستحضرات العناية بالبشرة وزراعة الشعر، وغيرها من المنتجات التي تشهد إقبالاً كبيراً.
أكد على إمكانية تفاعل هذه المنتجات مع الأدوية التي يتناولها المرضى بشكل منتظم، هو أمر خطير، نظراً لعدم وضوح تركيبات هذه المنتجات، واحتمال عدم خضوعها لفحوصات دقيقة، ما يجعلها تتعارض مع أمراض مزمنة مثل السكري والضغط، مشدداً على ضرورة تجنب استخدامها دون رقابة.
ولفت إلى أن بعض هذه المنتجات التي تُروَّج على الإنترنت قد تحتوي على مكونات غير معلن عنها، مما يزيد من خطورتها، مطالباً المواطنين بعدم الثقة بمثل هذه المنتجات.
نقابة الصيادلة ترصد وتحيل المخالفات للغذاء والدواء
وفيما يتعلق بدور النقابة في ضبط هذه الظاهرة، أوضح أن نقابة الصيادلة ترصد هذه الحالات، وتقوم بإبلاغ المؤسسة العامة للغذاء والدواء، باعتبارها الجهة الرسمية المخولة بالمخالفة وضبط هذه الممارسات، مشيراً إلى أن لدى المؤسسة مكتباً مختصاً برصد هذه الحالات، بالتعاون مع لجان وكوادر النقابة.
وأكد أن النقابة تستقبل شكاوى عديدة، معظمها تأتي من صيادلة وأحياناً من مواطنين، ويتم تحويلها إلى الجهات الرقابية المختصة، وعلى رأسها المؤسسة العامة للغذاء والدواء.
وحول ما إذا كان ضعف الوعي الدوائي لدى المواطنين يساهم في رواج هذه المنتجات، قال إن العديد من الناس يبحثون عن حلول سريعة ويصدقون ما يرغبون في سماعه، دون التحقق من صحة المعلومة أو مصدرها، وهو ما يعكس ضعفاً في الوعي الدوائي.
وأكد على أن النقابة تعمل على توعية المواطنين من خلال الصيادلة، وأن من أسباب انتشار هذه الظاهرة سهولة تصديق ما يروج له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون التحقق من المؤهلات العلمية أو مصادر المعلومات.
الأدوية تمر بفحوصات دقيقة قبل دخول الصيدليات
وفيما يتعلق بضوابط سلامة الأدوية بالصيدليات، قال إن جميع الصيدليات في المملكة مرخصة وفق الأطر القانونية، وتخضع لرقابة وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء ونقابة الصيادلة، ويتم تنفيذ زيارات دورية للتأكد من شروط التخزين، ودرجات الحرارة، وصلاحية المستحضرات.
وأشار إلى أن المؤسسة العامة للغذاء والدواء تفحص جميع الأدوية قبل السماح بتداولها، وتقوم بأخذ عينات من كل شحنة مستوردة أو مصنعة محلياً، لإخضاعها لفحوصات مخبرية دقيقة، لضمان جودتها وسلامتها.
وأكد أن شراء الأدوية من الصيدليات يضمن خضوعها للفحوصات المخبرية المطلوبة، ويمنع تداول الأدوية غير المرخصة، مشيراً إلى أن هناك عقوبات قانونية صارمة في حال قامت أي صيدلية ببيع دواء غير مرخص.
ودعا المواطنين إلى شراء الأدوية فقط من مصادر آمنة، والالتزام بالإرشادات الطبية، والتأكد من تاريخ صلاحية الأدوية.






