صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
شكرًا لدولة الرئيس على تفعيل فكرة “المتسوق الخفي”، هذه الأداة الرقابية الخلّاقة التي تُعيد الاعتبار لمفهوم الرقابة الحقيقية على الأداء، وتضع الموظف والمسؤول أمام ضميره قبل أي شيء آخر.
ولعل ما يزيدني فخرًا أنني كنت قد طرحت هذه الفكرة على حكومة الدكتور عمر الرزاز، مستلهمًا إياها من تجربة رائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أثبتت نجاحًا كبيرًا في رفع مستوى الخدمات وتعزيز ثقة المواطن بمؤسساته. وقد لاقت الفكرة حينها ترحيبًا واسعًا في الشارع الأردني، لأنها لامست حاجة الناس إلى آلية عملية وجديدة لمتابعة الأداء وتصويب الأخطاء. واليوم، وهي تُفعل على نحو أوسع وأكثر تنظيمًا، فإنها تؤكد أن الأفكار الجادة لا تموت، وأن المصلحة الوطنية دائمًا ما تجد طريقها إلى التطبيق.
لقد أثبت “المتسوق الخفي” فعاليته في تحقيق نتائج إيجابية، ورسم صورة واضحة عن مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، بعيدًا عن التقارير الورقية والتوصيات البروتوكولية. فقد أسهم بشكل ملموس في كشف جوانب القصور، وفي الوقت نفسه سلّط الضوء على النماذج المتميزة التي تستحق التقدير. وهو بهذا يحقق عدالة التقييم، ويعيد الثقة بأن الرقابة ليست غيابية ولا شكلية، بل حاضرة بعيون مفتوحة.
أهمية هذه الفكرة تكمن في أنها لا تكتفي برصد الأخطاء، بل تساهم في تصويبها ومعالجتها فورًا، الأمر الذي يرفع من مستوى الأداء المؤسسي، ويعزز مبدأ الشفافية والمساءلة. إنها رسالة مباشرة لكل مسؤول وموظف: المواطن يراقب، والدولة تتابع، والقصور لم يعد خافيًا.
اليوم، ومع تفعيل المتسوق الخفي، يتأكد لنا أن الإصلاح لا يحتاج إلى شعارات كبرى بقدر ما يحتاج إلى أدوات عملية تلمس حياة الناس، وتنعكس آثارها في خدمة أفضل، وعدالة أوضح، وكفاءة أعلى. وهذه خطوة تحسب لدولة الرئيس، وتستحق أن تُدعم وأن تتوسع لتشمل مختلف القطاعات بلا استثناء.
فالرقابة ليست ترفًا، بل ضمانة للاستقامة، والمتسوق الخفي ليس مجرد أداة، بل هو عين الدولة الساهرة على خدمة المواطن، وميزان العدالة بين من يعمل بإخلاص ومن يكتفي بالشعارات.






