في الإسبوع الماضي تمت دعوتي (لعرس) , منذ (3 ) سنوات لم أحضر عرسا أو جاهة بفعل الكورونا …ولكن كان العدد محدودا , والقاعة صغيرة , وشروط التباعد موجودة ..ونسبة كبيرة من الحضور ترتدي (الكمامات) ..
الأعراس التي كنت أحضرها , عادية جدا , مجموعة من الطاولات ..وعريس مع عروسته على اللوج , ونساء يثرثرن , ووالد عريس يبحث عن حبوب الضغط …وحسين السلمان يغني ..ومجموعات هائلة من الصبايا المتحمسات , يرقصن على خجل ..ومن ثم العشاء ونغادر ..
هل تأثرت الأعراس بمسلسل الروابي .. لا أعرف ؟ …كل ما أذكره أني جلست بعيدا مع صديقي (اسماعين) …أمام باب مغلق , بانتظار أن تأتي العروس ويأتي العريس معها …ومن ثم نتناول العشاء ونمضي , كانت عيني على المدخل الرئيس للقاعه …وأنا بصراحة أحب مشهد الشباب , وهم على سفوح الفرح ..وأحب (العرايس) باللباس الأبيض الجميل …
ولكن فجأة ..ومن دون موعد , بدأ أحدهم بضرب الطبل بقوة , وانطفأت الأنوار ..ثم فتح الباب الموجود خلفي على وقع موسيقى مرعبة ..ألصوت كأن أشبه بانفجار قذائف (الهاون) جانبي , وانطلقت العروس ..كانت (بتنطط ) ,والعريس خلفها أيضا (بنطط) … الموقف كان مرعبا وتذكرت على الفور أيام صباي حين كانت تندفع الشرطة الخاصة في المسيرات مدججة بكامل الهروات ..ونهرب نحن في الزقاق ..
حين اندفعت العروس تصرخ , هربت ..(واسماعين) ركض خلفي هو الاخر هرب…لم أعرف كيف أفسر المشهد , خفت من وجود ثأر ..وصاحب الثأر جاء إلى العرس , أو أن أحدهم اكتشف (مفخخة) ….أو أن (هوشة) اندلعت بالسكاكين بين أهل العريس وأهل العروس ..ولكن بعد أقل من دقيقية , استدركت الأمر ( واسماعين) استدرك الأمر , وصرنا (مسخرة) ….جاءت ( والدة المحروسة) وطمأنتني , وبعض المدعوين أيضا جاءوا لطمأنتي ..و(اسماعين) هرب ..من دون طمأنه .
تبين فيما بعد , أنها طقس من طقوس الأعراس ..وأن العروس يجب أن تدخل وهي ترقص على وقع أغنية …( يلبئلو) …أنا بصراحة , أخافني الصراخ (والنطنطنة) ..اعتقدت أن أحدا يطارد الصبية (بخرطوش) …
كنت قد أخذت كامل (راحتي) في الجلسة , وخلعت حذائي …(واسماعين) هو الاخر هرب وترك (الجاكيت) ..أنا بالطبع هربت من دون حذاء …
لا أعرف هل هذه العادات من مجتمعنا ؟ كانت الأعراس زمان …تدل على خجل العروس وجمالها , وعلى هيبة العريس …وكنا نشاهد بنات (الخالات والعمات) في الأعراس فقط …كانت المجتمعات أكثر وقارا ومدججة بالهيبة …وكانوا أحيانا , يطلبون من العروس ولو على خجل ..أن تطعم العريس قطعة من (الجاتوه) …كانت هذه الحركة تمثل انقلابا على الموروثات المجتمعية …
هذا جيل لم نعد نعرف ايقاعاته أبدا , لم نعد نعرف كيف يحتفل بالفرح ….ولم نعد نعرف هل نسير على دربه , أم نحتفظ بالذكريات …
المهم أني صرت (مسخرة) …ومازلت للان أهاتف والد العريس , طالبا منه حذف لقطة هروبي أنا (واسماعين) ..من فيديو العرس , وما زال مشهد العروس وهي مندفعة من خلف الباب (بتنطط) في رأسي …لا يغادر …
على كل حال .. (نقطت) والد العروس, وأريد استرداد النقوط ….
الرأي