أيمن دهّاج الحنيطي
انقسم البريطانيون مطلع أيار 2023 حول حفل تتويج الملك شارلز الثالث، معسكر عارض الحفل وتكاليفه التي قدرت بين 100 إلى 150 مليون جنيه إسترليني، واعتبروه تقاليد قديمة مُكلفة يجب التخلص منها في ظل أزمة اقتصادية راهنة انعكست على ارتفاع تكاليف المعيشة، ومعسكر آخر اعتبر الحفل مناسبة وطنية غاية في الأهمية، وتقليد تاريخي يُميز بريطانيا العظمى عن غيرها من الدول، ويجب الحفاظ عليه، وكان رأي المعسكر الثاني متشدداً بصريح العبارة، أن من لا يعجبه ذلك فليغادر البلاد .
ونحن في الأردن ما يُميزنا أيضاً من طقوس احتفالية، بتتويج الملوك وزواج الأمراء، فهي مناسبات قليلة جداً ، تمُر علينا بعد عقود، لذلك علينا أن نحرص على استدامتها، لأننا بالفعل نشعر بالتّميُز، ويحق لنا ذلك في أردن الأصالة والتاريخ، أرض العمونيين والمؤابيين والأنباط والهاشميين، إذن لماذا لا نفرح بها جميعاً، ونجدد بها الأمل بمملكتنا الحبيبة، ومستقبل أجيالنا، نعم نفرح بالحسين جميعاً، نفرح بولي العهد سمو الأمير الشاب الحسين بن عبدالله الثاني، وله من اسمه نصيب كبير، حيث يحمل اسم جده الراحل الكبير الحسين بن طلال، طيب الله ثراه.
نريد أن نفرح بالحسين من قلوبنا، في أرجاء المملكة، في عمان، عاصمة الهاشميين شرقها وغربها ،جنوبها وشمالها، في البوادي والمحافظات، في القرى والمخيمات، العريس ولي العهد ابننا جميعاً، نحن جميعاً أهل العريس، ليس فقط جلالة الملك عبدلله الثاني، وجلالة الملكة رانيا، والأمراء، والأعمام والأخوال، فأهل العريس يزينون بيوتهم وشوارعهم، حيث تدخل الزينة ومظاهر الفرح السرور على قلوب الجميع .
كنت، أتمنى أن أرى المملكة كلها، مديريات أمانة عمان كافة، ومناطق الإدارة المحلية، وبلديات المملكة جميعها كخلية نحل تعمل ليلاً ونهاراً في أرجاء الوطن كافة، صيانة وتنظيف وتعبيد شوارع وطلاء أطاريف، وتهيئة المتنزهات والتزيين، مع إشراك المجتمع المدني، والمدارس والجامعات ضمن العمل التطوعي لخدمة المجتمع حتى يشعر المواطن الأردني بالفرح الحقيقي من قلبه، وأنه جزء من المناسبة، وحسنًا فعلت وزارة الثقافة وأعلنت بالأمس عن تنظيم احتفالات عامة، لكن للأسف هناك جهات مقصرة تُشعرك بالمثل الشعبي القائل ” العرس عندنا والطخ عند جيرانا”، وليس كما هو حاصل اليوم أن يتركز العمل والاستعداد فقط على غرب عمان وشوارع بعينها سيمر منها موكب الأمير العريس.
الأردنيون جميعهم يفرحون للأمير الشاب، ويتمنون أن يصل موكب الزفاف الملكي إلى كل مدنهم وقراهم وأحيائهم شوارعهم، فالأمير العريس، هو حصة الجميع، نفرح به جميعاً، يكفي أن يشعر المواطن أينما وجد أن هناك تغييراً إيجابياً حصل في بيئته ومحيطه حتى يفرح من قلبه، وكأن الموكب الملكي مر من كل الأماكن والطرقات.
دعوة الحاجة ترفه عبيدات للأمير العريس إلى حرثا مؤخراً، وتلبية الأمير حسين للدعوة سريعاً، وليلة السمر والزفة التي أقامها منتسبو لواء الحسين بن طلال المدرع الملكي/ 40 لسمو الأمير، تعكس جانباً من الفرحة الأردنية بمناسبة زفاف ولي العهد، لماذا ينحصر العمل والاستعداد لهذه المناسبة الوطنية، عرس كل الأردنيين، بفئة قليلة فقط في القصر والحاشية والمؤسسات الرسمية والوزارات..؟ اشعروا الجميع أن الفرح للجميع، أشركوا الشباب، زينوا شوارع الوطن كلها، والأحياء، وليس فقط مباني الوزارات والمؤسسات الحكومية والعامة .
القطاع الخاص عليه مسؤولية كبيرة أيضاً بإدخال الفرح والسرور لقلوب كل الأردنيين بهذه المناسبة، لم أسمع للآن بأي عروض قوية وتخفيضات حقيقية تخص زفاف ولي العهد، لم اسمع شركات السياحة والسفر والفنادق تقدم خصومات 50% لمدة شهر مثلا، لم اسمع أصحاب البنوك وشركات التأمين والإعلانات والدعاية يقدمون بهذه المناسبة، لم اسمع معارض السيارات وشركات وكالات السيارات العالمية أو شركات الاتصالات تقدم مسؤوليتها المجتمعية بصيانة الطرق، وتجميل القرى والمحافظات ، أين الجميع..؟؟!! معظم ما تسمعه وتشاهده هو فقط مجرد كذب ودجل ونفاق وتسحيج مصلحي ،وتصنُّع للفرح والسرور على مواقع التواصل الاجتماعي .
كاميرات وسائل الأعلام العالمية تتوجه هذه الأيام إلى الأردن، نرصد الاهتمام العالمي بحفل زفاف سمو ولي العهد، لنستثمر هذه المناسبة للتسويق السياحي الأمثل للمملكة للسنوات المقبلة، مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد، يجب إبراز الأردن بأصالته وتاريخه ومواقعه السياحية والأثرية من خلال التوظيف المثالي لوسائل التواصل الاجتماعي، واختيار الهاشتاغات المناسبة، وباللغات العالمية، لماذا لا يكون هناك مقطع بطول نصف كيلو متر من طريق موكب الزفاف تعرض فيه بعض تماثيل عين غزال ومجسمات للبترا ووادي رم ومسلة ميشع وغيرها، حتماً ستجذب إليها عدسات العالم . نهنئ أنفسنا ونهنئ سمو ولي العهد أميرنا المزيون الحسين وخليلة قلبه رجوة السيف، وجلالة الملك عبدالله الثاني، وجلالة الملكة رانيا العبدالله، والعائلة الهاشمية، والأسرة الأردنية كافة بمناسبة زفاف ولي العهد، ونجدد معها العهد والأمل بمستقبل مزدهر لمملكتنا الحبيبة ،وللأردنيين جميعاً، والله يديم الفرح عامر بيوت الجميع