الشوشان: الأردن يسير نحو تطبيق مفهوم المترابطة بحلول 2030
البطاينة: ضرورة إنشاء قاعدة بيانات موحدة لدعم صنع القرار
محاسنة: الأردن من أكثر الدول فقراً في المياه ويحتاج إلى تحسين التنسيق بين القطاعات
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد خبراء على أن الأردن يواجه تحديات بيئية واقتصادية معقدة تتطلب تبني مفهوم الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة لتحقيق الاستدامة.
وأوضحوا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” أن هذا المفهوم يعكس العلاقة التكاملية بين القطاعات المختلفة، حيث توثر كل منها على الأخرى بطرق معقدة، مما يجعل إدارة هذه الموارد بشكل منفصل غير كافٍ لمواجهة التحديات الحالية.
ورغم الجهود المبذولة في الأردن، مثل مشاريع الطاقة الشمسية لتحلية المياه واستخدام تقنيات الري الحديثة، إلا أن تطبيق هذا المفهوم يواجه تحديات كبيرة، أبرزها ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية، مما يعيق تنفيذ السياسات المتكاملة وفق الخبراء.
واصدرت رئاسة الوزراء قبل عدة سنوات موافقتها على أطار عمل تنظيمي يهدف الى تعزيز حوكمة الترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة، وذلك من خلال تأسيس لجنتين مختصتين لهذه الغاية.
ووفقًا لتصريحات رسمية صادرة عن وزارات المياه والري والبيئة والزراعة في ذلك الوقت، تم تشكيل هاتين اللجنتين تحت مظلة وزارة التعاون والتخطيط الدولي، بهدف مأسسة عملية الترابط بين القطاعات المختلفة، وتنفيذ الالتزامات الواردة في البرنامج التنفيذي المنبثق عن رؤية التحديث الاقتصادي، بالإضافة إلى التخطيط لمبادرات الترابط وأعداد التوصيات الفنية اللازمة لتنفيذها.
ويُعتبر الأمير الحسن بن طلال من أبرز الداعمين لتطبيق مفهوم الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة في الأردن.
وقد أكد سموه خلال رعايته لعدة مؤتمرات وفعاليات على أهمية التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات البيئية والمائية، معتبراً ان التقنيات الحديثة والسياسات المستدامة هي السبيل الأمثل للتنمية المستدامة في المنطقة، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين دول المشرق لتقليل المنافسة على الموارد الشحيحة، داعيا إلى أشراك المجتمعات المحلية في مواجهة هذه التحديات لتحقيق التنمية المستدامة.
التنسيق والتمويل لا يزالان من أكبر العوائق أمام التطبيق
بدوره أكد المختص في السياسات البيئية، عمر الشوشان، أن عالم اليوم يواجه تحديات متزايدة نتيجة لندرة الموارد وتغير المناخ، مما يجعل مفهوم الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة ضرورة استراتيجية لتحقيق الاستدامة، موضحا أن هذا المفهوم يعكس العلاقة التكاملية بين هذه القطاعات، حيث يؤثر كل منها على الأخر بطرق معقدة.
وأضاف الشوشان أن الأردن، الذي يُعد من أكثر الدول معاناة من شح المياه على مستوى العالم، بحاجة ماسة إلى تبني هذا النهج لضمان الأمن المائي والغذائي في ظل الضغوط البيئية والاقتصادية المتزايدة.
وأشار إلى أن الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة يعكس التفاعل بين هذه الموارد، حيث تعتبر المياه مصدرًا أساسيا للزراعة، والطاقة محركًا للضخ والتحلية، والغذاء نتاجًا زراعيًا، في حين تمثل البيئة الإطار الذي يحافظ على استدامة هذه الموارد.
وأضاف أن في الأردن، تجسد هذه الفكرة في استراتيجيات وطنية مثل “رؤية الأردن 2025” واستراتيجية المياه الوطنية (2016-2025)، التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد عبر تقنيات مثل الري بالتنقيط واستخدام الطاقة الشمسية في ضخ المياه، موضحاً أن هذه السياسات تهدف إلى تقليل الهدر، تعزيز الإنتاجية، وتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية، مما يعكس نهجًا عمليًا للتكامل بين القطاعات.
وأكد على أن الأردن بدأ بالفعل في تطبيق مفهوم الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة من خلال مجموعة من المشاريع المدعومة من شركاء دوليين.
وأوضح أنه يتم استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل محطات ضخ المياه في مناطق مثل الديسة، بينما تُروّج تقنيات الري الحديثة في وادي الأردن بهدف تقليل استهلاك المياه.
ورغم هذه المبادرات، أشار إلى أن تنفيذ هذه المشاريع على نطاق واسع ما زال يواجه تحديات مؤسسية ومالية تعيق تطبيقها بشكل شامل.
وأوضح أن الأردن يواجه تحديات كبيرة في تطبيق نهج الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة، حيث تعد ندرة المياه أبرز هذه التحديات، إذ لا تتجاوز 62 مترًا مكعبًا للفرد سنويًا.
وأضاف أن ارتفاع تكاليف الطاقة التي تستهلكها القطاعات المائية، والتي تصل إلى 15% من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد، يشكل عقبة أخرى، بالإضافة إلى ذلك، يعاني الأردن من ضعف التنسيق بين الوزارات المعنية، وتفاقم مشكلة الجفاف الناجم عن التغير المناخي، ونقص التمويل اللازم للمشاريع المتكاملة.
وأكد أن هذه العوامل تجعل تحقيق التكامل بين القطاعات هدفًا طموحًا يتطلب حلولًا مبتكرة.
وقال، إن الأردن رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها، يشهد عدة مبادرات وطنية استراتيجية تُظهر إمكانيات النجاح في تحقيق الاستدامة.
وأوضح أن مشروع الطاقة الشمسية في الديسة يعد من أبرز هذه المبادرات، حيث يوفر طاقة نظيفة لضخ المياه إلى العاصمة عمان، مما يسهم في تقليل التكاليف وحماية الموارد.
كما أضاف أن مشروع تحلية مياه البحر في العقبة يهدف إلى توفير 300 مليون متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030، مع خطط لدمج الطاقة المتجددة في عملية التحلية، مشيراً أنه في وادي الأردن، تُطبق تقنيات الري بالتنقيط بدعم دولي، مما يعزز الإنتاج الغذائي باستخدام كميات أقل من المياه.
وأكد، على أن التكنولوجيا تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الكفاءة في العديد من المجالات، موضحا أن الطاقة الشمسية تُستخدم في تشغيل مضخات المياه ومحطات التحلية، فيما تتيح الزراعة الشمسية زراعة المحاصيل تحت الألواح الشمسية، مما يقلل من التبخر ويُنتج طاقة إضافية.
كما أشار إلى أن تقنيات التحلية المتقدمة، مثل التناضح العكسي، يمكن دمجها مع إعادة استخراج المعادن من المياه المالحة، مما يساهم في تقليل التكاليف وإنتاج موارد إضافية مثل المغنيسيوم، مما يعزز الاقتصاد الدائري.
وأكد أن تحقيق النجاح يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، موضحاً أنه من الضروري إنشاء هيئة وطنية مشتركة، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية لتعزيز هذا التكامل.
وأضاف أن المجتمع المحلي يمكنه دعم هذه المبادرات من خلال تبني تقنيات مستدامة والمشاركة في برامج ترشيد الاستهلاك، مع تقديم حوافز تشجع على تعزيز هذا الدور الفاعل.
وأشار إلى أن دعم السياسات الاستراتيجية يتطلب من الحكومة تطوير شبكات رصد متطورة واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المتعلقة بالمياه والطاقة والغذاء، مما يساعد في توقع الاحتياجات وتخصيص الموارد بكفاءة.
وأكد أن الأردن يتوقع تحقيق تقدم ملحوظ في تطبيق الترابط بحلول عام 2030، وذلك بفضل خطط استراتيجية مثل مشروع الناقل الوطني وتوسيع استخدام الطاقة المتجددة.
وأوضح أن نجاح هذه المبادرات يتوقف على الاستثمار في التكنولوجيا، وتحسين التنسيق بين القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي لإدارة الموارد المشتركة، مما يضمن استدامتها وامنها في مواجهة التحديات المناخية.
وأكد على أن الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة يمثل نهجًا أساسيا لمستقبل الأردن، موضحاً أنه من خلال التغلب على التحديات الراهنة، والاستفادة من التكنولوجيا، وإشراك جميع الأطراف المعنية، يمكن للأردن أن يحقق نموذجًا مستدامًا يضمن الأمن المائي والغذائي ويحافظ على البيئة للأجيال القادمة.
تحديات كبيرة في ندرة المياه وارتفاع تكاليف الطاقة تتطلب حلولًا متكاملة
من جهته أكد الخبير في شؤون الطاقة، الدكتور أيمن البطاينة، أن دول العالم أصبحت تدرك بشكل متزايد أهمية التعامل مع الموارد الطبيعية الأساسية، مثل المياه والطاقة والغذاء، كمنظومة مترابطة لا يمكن فصل مكوناتها.
وأوضح البطاينة أن التحديات البيئية والاقتصادية المعاصرة أظهرت ان إدارة هذه القطاعات بشكل منفصل لم تعد مجدية، بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
وأضاف أن مفهوم “الترابط” ظهر كإطار استراتيجي لدمج هذه القطاعات ضمن منظومة واحدة تهدف إلى تحقيق الكفاءة في الاستخدام، وضمان الاستدامة، ومواجهة التغير المناخي.
وأشار إلى أن هذا النهج يُعتبر من الركائز الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يساعد في تقليل المقايضات بين القطاعات وتحقيق مكاسب مشتركة.
وأكد، أن تبني مفهوم الترابط بين القطاعات أصبح أمراً ضروريًا في الأردن، لا سيما في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها المملكة، مثل ندرة المياه، والاعتماد الكبير على استيراد الطاقة، ومحدودية الأراضي الزراعية.
وأضاف أن السياسات الوطنية بدأت تعكس هذا التوجه، كما يتضح في الاستراتيجيات المائية والغذائية والطاقة التي تبنت مؤخراً نهج التكامل والتنسيق بين القطاعات المختلفة.
وأشار إلى أن بعض المقترحات دعت إلى إنشاء مجلس وطني يعنى بشؤون المياه والطاقة والغذاء والبيئة، بهدف توحيد الجهود وتفادي تعارض السياسات القطاعية، لتحقيق إدارة فعالة ومستدامة للموارد.
وأكد، على رغم الحراك الإيجابي الذي تشهده المملكة في مجال الموارد الطبيعية، إلا أن الواقع لا يزال مليياَ بالتحديات، موضحاً أن أبرز هذه التحديات يتعلق بندرة الموارد، حيث يُصنف الأردن من بين أفقر دول العالم مائياً، بمعدل يقل بشكل كبير عن الحد الأدنى العالمي لحصة الفرد من المياه.
وأشار إلى أن المملكة تعتمد على الخارج لتأمين أكثر من 85% من احتياجاتها من الطاقة، مما يشكل عبء ماليًا على الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن هذه الأزمات تتفاقم بفعل التغير المناخي، الذي يؤدي إلى مواسم مطرية ضعيفة وأزمات جفاف متكررة، إلى جانب الضغوط الديموغرافية الناجمة عن النمو السكاني وتدفق اللاجئين، مما يزيد من الطلب على الموارد ويضعف قدرة البنى التحتية.
وأكد أن التحدي الأخر هو تحدٍ مؤسسي، يتمثل في غياب التنسيق الفعّال بين الجهات الحكومية المختلفة، ما يؤدي إلى تكرار الجهود أو تضاربها.
وأشار، إلى أنه رغم التحديات التي تواجه الأردن، إلا أن الساحة الأردنية لا تخلو من نماذج ناجحة تعكس النهج المتكامل.
واعتبر مشروع “الناقل الوطني” لتحلية ونقل المياه من العقبة إلى عمّان من أبرز هذه المبادرات، حيث يجمع بين قطاعي المياه والطاقة بطريقة عملية.
وأضاف أن المملكة شهدت توسعًا ملحوظًا في استخدام المياه المعالجة لأغراض الزراعة، مما يخفف الضغط على المياه العذبة.
وأشار إلى أن محطة السمرا تُعد مثالًا على تكامل المياه والطاقة، إذ تُنتج الطاقة من الغاز الحيوي وتعيد استخدام المياه المعالجة في الري.
وبيّن أن مثل هذه المشاريع تعكس الإمكانات الكامنة لتطبيق مبدأ الترابط على أرض الواقع، مما يسهم في تحقيق نتائج فعّالة بيئيا واقتصاديًا.
وأوضح، أن التكنولوجيا الحديثة تشكل اليوم العمود الفقري لإنجاح النهج المتكامل بين القطاعات، حيث يمتلك الأردن مقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية ونجح في رفع مساهمتها في مزيج الطاقة الوطني.
وأشار إلى أن تقنيات الزراعة المائية والعمودية بدأت تنتشر في المناطق الجافة بفضل الدعم الحكومي والدولي، مما ساعد على تقليل استهلاك المياه وزيادة الإنتاج الزراعي، مضيفأً أن استخدام الطاقة المتجددة في تشغيل محطات التحلية يسهم في تقليل التكاليف والانبعاثات.
وأكد أن الابتكار والتقنيات المستدامة أصبحت أدوات حيوية لتعزيز كفاءة استخدام الموارد وربط القطاعات الثلاثة (المياه والطاقة والغذاء) بشكل ديناميكي وفعّال.
ولفت، أنه لا يمكن تجاهل أهمية تعزيز التعاون بين الأطراف المختلفة لإنجاح النهج المتكامل في إدارة الموارد، موضحاً أن مسؤولية إدارة الموارد لا تقتصر على الحكومة وحدها، بل تشمل القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأضاف أن الشركات يمكن أن تسهم من خلال تمويل مشاريع الطاقة والزراعة المستدامة، بينما تلعب المنظمات المجتمعية دورًا محوريًا في التوعية وتطبيق حلول محلية.
وأشار إلى أن تحقيق هذا التعاون يتطلب تطوير الأطر القانونية والمؤسسية لتشجيع الشراكات متعددة الأطراف، وضمان توزيع عادل للمسؤوليات والفوائد.
وأوضح، أن أحد الركائز المهمة لنجاح النهج المتكامل في إدارة الموارد هو بناء منظومة معلومات متكاملة، مشيرا إلى أن اتخاذ القرار السليم يتطلب بيانات دقيقة وحديثة حول استهلاك المياه، مصادر الطاقة، الإنتاج الزراعي، وتغيرات المناخ.
ولفت إلى أن البيانات في الأردن لا تزال مشتتة وغير موحدة، مما يعيق التخطيط الاستراتيجي الفعال، مضيفاً أن إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة وشاملة يعد ضرورة قصوى، خاصة إذا كانت متاحة لصنّاع القرار والمجتمع العلمي والقطاع الخاص.
وأكد، على أنه لتحقيق نتائج ملموسة، يجب على الأردن إعادة تصميم عملية صنع السياسات لتأخذ في اعتبارها الترابط بين القطاعات.
وأشار إلى أن هذا يتطلب إنشاء أليات مؤسسية دائمة، مثل تشكيل مجلس وطني للترابط، ولجان فنية مشتركة بين الوزارات، وتحديث القوانين لتفرض تقييمات متكاملة للمشاريع الكبرى.
وأضاف أن الأردن بحاجة إلى تطوير خطط عمل مشتركة تشمل مؤشرات قياس أداء تقيس الأثر التراكمي على الأمن الغذائي والمائي والبيئي والطاقة.
وأكد، أن المجتمع المحلي يلعب دورًا أساسياً لا يمكن تجاهله في تحقيق النجاح في إدارة الموارد، موضحاً أن المبادرات التي يقودها المواطنون، مثل حصاد مياه الأمطار، والزراعة المنزلية، وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية، وحملات التوعية، تسهم بشكل مباشر في تقليل الضغط على الموارد.
ولفت إلى أن بعض المشاريع الشبابية والمجتمعية قد أثبتت قدرتها على تقديم حلول مبتكرة وفعالة، مؤكدا أن دعم هذه المبادرات عبر التمويل والتدريب والتشبيك يجب أن يكون جزءًا أساسياً من استراتيجية الدولة نحو ترابط القطاعات.
وأكد أن الأردن يسير على طريق واعد نحو تبني نهج الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة، مدفوعًا بالتحديات والفرص معًا.
وأوضح أنه رغم أن الطريق لا يزال طويلاً، إلا أن وجود استراتيجيات وطنية حديثة ورؤية اقتصادية شاملة، إلى جانب نماذج تطبيقية ناجحة، يعزز الأمل في إمكانية تحقيق تحول حقيقي.
كما أشار إلى أن التحدي الأكبر يكمن في التفعيل المستدام لهذه الرؤية، وتكامل الجهود بين جميع مكونات الدولة والمجتمع، بهدف الوصول إلى أردن أكثر أمنًا في موارده، وأكثر استقرارًا في بيئته، وأكثر مرونة في مواجهة المستقبل.
اشراك القطاع الخاص اصبح ضرورة
من جانبه أكد الخبير المائي د. دريد محاسنة أن المياه والغذاء هما من أساسيات الحياة، حيث لا يمكن للإنسان أن يعيش أو المجتمعات أن تبنى من دونهما.
وأشار محاسنة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن توفير المياه والغذاء والطاقة أصبح من الضروريات الأساسية لتحقيق البنية التحتية للمجتمعات.
وأشار إلى أنه مع تزايد التغيرات المناخية، تدهورت الأحوال البيئية، ما أدى إلى تراجع موسم الأمطار وزيادة احتمالات الجفاف، معتبراً انها توثر بشكل مباشر على توفر الغذاء والمياه، مشيرًا إلى أن الأردن يعاني من عدم تنسيق بين القطاعات المائية والزراعية.
وأوضح أن قطاع المياه في الأردن يعاني من استنزاف كبير، حيث يُستخدم أكثر من 55% من المياه في الزراعة، فيما لا يتجاوز العائد الاقتصادي من هذا القطاع 5%، أو حتى 4.5% في بعض الأحيان، مضيفاً أن الاستهلاك المفرط للمياه في الزراعة يساهم في تقليص كميات المياه المتاحة للاستهلاك البشري.
ولفت إلى أن نصيب الفرد من المياه قد انخفض بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث كان يصل إلى أكثر من 100 متر مكعب سنويًا قبل عشر سنوات، أما الإن فقد تراجع إلى حوالي 60 مترًا مكعبًا، مما يجعل الأردن من أكثر الدول فقرًا في المياه في العالم.
وأكد أن توفير المياه أصبح عنصرًا أساسيا يجب ادارته بحرص، مشيرًا إلى أن إدارة المياه في الأردن بحاجة إلى تحسين كبير من أجل ضمان توفير المياه النقية للمواطنين، مشددا على ضرورة التنسيق بين مختلف القطاعات مثل المياه والطاقة لتحقيق استدامة افضل.
وأشار إلى أن الأردن يستورد معظم احتياجاته من الطاقة، على عكس المياه التي لا يمكن استيرادها، مما يهدد “امن الموارد” في المملكة.
ورغم التقدم في مجال الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، إلا أن محاسنة ابدى قلقه من التأخير في استخدام هذه المصادر بسبب العوائد الضريبية والجمارك المرتفعة على الطاقة التقليدية.
وعن التحلية كمصدر بديل للمياه، نوه محاسنة إلى أن القطاع العام يسيطر حاليًا على موضوع تحلية المياه، رغم أن العقبة تُعد المصدر الوحيد للتحلية في الأردن، ولكنه لا يكفي لتلبية الحاجة، داعيا إلى فتح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في هذا المجال عبر تحلية المياه وحفر الإبار.
وفيما يتعلق بالإدارة، أكد أن هناك تشتتًا في إدارة قطاع المياه والزراعة، مشيرًا إلى أن هناك فاقدًا كبيرًا من المياه بسبب سرقتها، داعيًا إلى فرض قوانين أكثر صرامة لضبط هذا الوضع.