صدى الشعب – كتبت المهندسة أماني الخلايلة
في خضم الفوضى الإقليمية اليوم، تطل علينا جدليات كل حين من شخصيات عامة تخلق تناقضات في كيفية تقييم هوية الأردنيين وطنيًا وإقليميًا، وهذا الجدل ينحصر بتعريفها بالهوية الجامعة أو الهوية الوطنية الأردنية، إلا أن هذا الخلاف يحمل بين طياته ما يخدم مصالح العدو.
لقد جاءت خطابات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وحديثه الأخير في احتفالية اليوبيل الفضي في حزيران الماضي:
“فكانت هويتنا الوطنية الأردنية وستبقى مصدر ثبات وقوة تجمعنا في مواجهة الأخطار، وبها حمينا مسيرة الدولة والمجتمع. وخلف الراية توحدنا في وجه الخوارج وأصحاب الفتن، وتجاوزنا فوضى الإقليم فكانت حماية الأردن من نيرانها أولويتنا“، واضح يضع النقاط على الحروف ويؤكد على توازن هويتنا الوطنية الأردنية والهويات الفرعية.
لم تأتِ هوية الأردني مصادفة، بل هي ثمرة ارتباطه الوثيق بجغرافيته الأصيلة، التي شكّلت ملامح هويته التاريخية والثقافية والسياسية وحصيلة تركات ديمغرافية متجانسة من العصور النبطية والرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية، وصولًا إلى ذروتها في الأردن الحديث ومأسسة الدولة الأردنية عام 1921، فأصبحت الهوية الوطنية الأردنية دعامة أساسية تجمع الأردنيين حول الحكم الهاشمي، وسط تغيرات سياسية واقتصادية وجغرافية شهدتها المنطقة حتى يومنا هذا.
فمنذ أربعينيات القرن الماضي، واجهت هويتنا الوطنية الأردنية تحديات جسيمة بفعل المخططات الصهيونية والأطماع الاستعمارية التي زعزعت استقرار المنطقة، أسفرت عنها موجات اللجوء المتتالية ومخاطر الفكر المتطرف والطائفية البغيضة، إلا أن ما يميز الأردن المتربع في قلب العاصفة، هو تمسك الأردنيين بهويتهم الوطنية الراسخة وتجانسهم عموديًا وأفقيًا وتلاحمهم حول القيادة الهاشمية الحكيمة التي حافظت على هذه الهوية بذكاء وبُعد نظر وأفقدت احتمالية اكتمال أركان ولادة هوية جامعة، ما حال دون محاولات بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وتمييع هويتهم الأصيلة وإذابتها وتحويله إلى وطن بديل .
إن التمسك بالهوية الوطنية الأردنية اليوم أولوية عُظمى لكل أردني وهو لا يعني نفي الآخر والإنعزال بجغرافيته بل عامل مهم في استقرار المنطقة وأمنها القومي، كما يُشكل تعزيز هويتنا الوطنية سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا عثرة في وجه مخططات تُنفذ، فهوية الأردني وعبر التاريخ جعلت له إطارًا واضحًا راسخًا ومُعترفًا به في المحافل الدولية.
(مهندسة الكيماوي و الطاقة البديلة)