صدى الشعب – ليندا المواجدة
قال الخبير الاقتصادي د. عامر الشوبكي، في حديث لـ صدى الشعب إن كشف المديونية خلال 25 عامًا لا يقدم صورة حقيقية عن أداء الحكومات، ولا يصلح لتفضيل رئيس وزراء على آخر، معتبرًا أن مثل هذه المقارنات “مضللة وغير عادلة”، لأن الظروف المالية والاقتصادية التي واجهتها كل حكومة كانت مختلفة تمامًا.
وأضاف الشوبكي أن بعض الحكومات عملت في فترة لم تكن فيها ضرائب على المحروقات، بينما جنت حكومات أخرى أكثر من مليار وربع سنويًا منها، فضلًا عن اختلاف أثر الخصخصة بين مرحلة وأخرى، ودخول حكومات في بدايات الإصلاح فيما ورثت أخرى تبعاته الثقيلة.
وأكد الشوبكي أن النتيجة الواضحة بالأرقام هي أن الخصخصة أفرزت نتائج عكسية، وأن برنامج الإصلاح الاقتصادي لم يحقق أهدافه؛ فالدين العام تجاوز 118% من الناتج المحلي، والبطالة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، بينما واصل الفقر ارتفاعه.
ولفت إلى أنه يُحسب للأردن وقيادته أنه تمكن من تجاوز أزمات خطيرة والحفاظ على استقراره في محيط مضطرب، لكن نشر الجداول لا يصنع حلولًا ولا يغيّر الواقع، بل يضع جميع الحكومات دون استثناء أمام مسؤولية مشتركة عن المسار المالي الذي وصلت إليه الدولة.
وشدد الشوبكي على أن المطلوب اليوم هو إصلاح واقعي وعميق إصلاح منتِج يقاس بنتائجه على حياة المواطن، وليس مجرد طرح مشكلات أو أرقام تُنشر على الورق.
وأضاف أن تقييم المديونية يتأثر أيضًا بحجم المنح والمساعدات الخارجية التي حصلت عليها بعض الحكومات، وخصوصًا الدعم الخليجي الذي كان يتذبذب تبعًا للعلاقات السياسية والاقتصادية. فهناك حكومات استفادت من تدفقات مالية كبيرة، بينما عملت حكومات أخرى في سنوات تقلّص فيها هذا الدعم، ما يجعل المقارنة بين الفترات غير متكافئة وغير منصفة اقتصاديًا.
وجاء حديث الخبير عقب رد وزير المالية، عبدالحكيم الشبلي، على سؤال للنائب ديمة طهبوب حول تراكم المديونية ووصولها إلى ما يقارب 46 مليار دينار.
وأوضح الشبلي في رده أن بدايات الاقتراض في الأردن تعود إلى أواخر خمسينات القرن الماضي بقرض قيمته مليون دولار من بريطانيا، ثم اتجهت الحكومات للاقتراض لتمويل عجز الموازنة ودعم الكهرباء والمياه ومواجهة الأزمات المتعاقبة.
وبين الوزير أن الأردن، بحكم موقعه الجيوسياسي وتوالي الحروب والصراعات في المنطقة، إضافة إلى تدفقات اللجوء الفلسطيني ثم العراقي والسوري، وجد نفسه أمام التزامات تفوق قدرته الذاتية، ما ضاعف الحاجة إلى الاقتراض لتوسيع البنية التحتية وبناء المدارس والمستشفيات والمخيمات والمؤسسات الأمنية.
وأشار الشبلي إلى أن الفترة بين 1970 و1987 شهدت عدم استقرار سياسي وحروبًا كبرى، إضافة إلى تراجع أسعار النفط، ما أدى لانخفاض المساعدات وزيادة الاقتراض لتغطية العجز، بينما أدى انهيار أحد البنوك الكبرى عام 1989 وتراجع الاحتياطيات الأجنبية إلى أزمة مالية دفعت الأردن للجوء إلى صندوق النقد الدولي والدخول في ستة برامج إصلاح اقتصادي بين 1989 و2004.
وأضاف أن الدين انخفض عام 2008 بعد شراء جزء من ديون نادي باريس، لكنه عاد للارتفاع مع الأزمات العالمية والإقليمية، مثل الأزمة المالية 2008 والربيع العربي 2011، وما تبعه من تدفقات لجوء وانقطاع الغاز المصري وارتفاع مديونية شركة الكهرباء الوطنية.
وقال الوزير إن جائحة كورونا 2020 رفعت المديونية مجددًا بسبب زيادة الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية ودعم القطاع الخاص، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية 2022 والعدوان على غزة 2024 لتضيف ضغوطًا إضافية نتيجة ارتفاع الفوائد عالميًا، واضطراب سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار السلع والطاقة.
وفي نهاية جوابه، قدّم الوزير تفصيلًا في أرقام الدين العام بحسب كل حكومة خلال آخر 25 عامًا، ضمن رد رسمي على سؤال النائب ديمة طهبوب
