صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
حين تولّى معالي طارق أبو غزالة مسؤولية وزارة الاستثمار، كان يعرف مسبقًا أنه يدخل إلى واحدة من أكثر الوزارات حساسية في منظومة الدولة، وزارة تقف على خط التماس بين طموحات اقتصاد يتطلع للنهوض وبين تحديات تراكمت عبر سنوات من التشريعات الغامضة والإجراءات المتشابكة والفرص التي ضاعت بفعل البيروقراطية وتداخل الصلاحيات، ومع ذلك، لم يتراجع، بل اختار المواجهة: مواجهة الأخطاء، ومواجهة العقبات، ومواجهة كل ما يعترض طريق الاستثمار الوطني.
وزارة الاستثمار اليوم ليست مجرد دائرة تستقبل المستثمرين، بل منصة لإعادة صياغة الثقة بالاقتصاد الأردني، وفي قلب هذه العملية، يعمل أبو غزالة بمنهج رجل يعرف أن بيئة الاستثمار لا تُصلَح بالكلام، بل بالقرارات التي تضع النقاط على الحروف، وبفتح الملفات التي طال إغلاقها تحت مبررات واهية، فالرجل لا يخشى أن يشير إلى مواطن الخلل، ولا يتردد في الاعتراف بأن المنظومة الاستثمارية في بعض جوانبها تحتاج إلى إعادة بناء لا مجرد تجميل.
لقد أدرك أبو غزالة أن الخطوة الأولى للإصلاح تبدأ من قانون البيئة الاستثمارية؛ القانون الذي وُلد بنوايا طيبة لكنه لم يواكب المتغيرات على الأرض، ولم يمنح الأردن القدرة الكافية لجذب رأس المال في زمن تتنافس فيه الدول على المستثمر كما تتنافس على السياحة والابتكار. ولهذا جاءت مبادرته الواضحة لتعديل القانون بما يتناسب مع واقع الحال، واقع يحتاج إلى نصوص مرنة، وحوافز ذكية، ومسارات واضحة تحمي المستثمر ولا تخل بحق الدولة، ومع كل نقاش وكل ورشة وكل اجتماع، كان الوزير يرسل رسالة ثابتة: لن يُترك الاقتصاد رهينة نصوص غير قابلة للتطبيق أو إجراءات تزيد التعقيد ولا تضيف قيمة.
وفي الوقت ذاته، عمل أبو غزالة على إعادة ضبط بوابة الاستثمار نفسها، لم يعد مقبولًا أن تبقى النوافذ الواحدة متعددة، ولا أن يتنقل المستثمر بين جهات لا تنتهي، ومن هنا بدأ بتصويب الأخطاء المتراكمة، سواء تلك التي تخص القرارات السابقة أو التي تتعلق بالتشريعات أو بالعمليات الداخلية، واضعًا مبدأ الشفافية والشجاعة الإدارية أساسًا للعمل، فالإصلاح ليس مجاملة، والتعديل ليس رضوخًا، بل واجب وطني.
وبرغم كل التحديات، فإن وزارة الاستثمار في عهد أبو غزالة باتت تتقدم نحو صورة أكثر وضوحًا وثباتًا، صورة لوزارة تعرف دورها بدقة، وتفهم أن الاستثمار ليس أرقامًا على الورق بل مستقبل دولة تُبنى حجرتها الأساسية من خلال المشاريع والاستثمارات المولّدة للدخل والعمل والتصدير، ووسط هذا المشهد، يبرز الوزير كرجل مرحلة، لا يهرب من مسؤولية ولا يخشى من مواجهة، مؤمنًا بأن الأردن يستحق بيئة استثمارية تليق بإمكاناته لا بما عُلّق عليه من قيود.
ولأن الاستثمار هو محرك الإصلاح الاقتصادي، فإن الوقوف خلف جهود الوزارة ووزيرها في هذه المرحلة ليس دعمًا لشخص بقدر ما هو دعم لطريق إصلاحي يحتاج إلى من يؤمن به ويعمل لأجله، فالأردن اليوم أمام فرصة لإعادة بناء ثقته الاستثمارية، ومعالي طارق أبو غزالة يضع حجر الأساس لهذا التحول، مستندًا إلى رؤية واضحة وإرادة لا تهادن وخطوات عملية تعيد رسم صورتنا أمام العالم.
