عشرات آلاف الفقراء والمساكين والايتام تتم كفالتهم من جانب جمعيات خيرية، صغيرة ومتوسطة وكبيرة، والمعلومات تتحدث عن تراجع ليس سهلا في تدفق أموال الكفالات، من جانب الكفلاء والمتطوعين والمتبرعين واهل الخير، ممن لا يبخلون أساسا.
هذا الملف ربما لا تتنبه له الحكومة الحالية، اذ لديها انشغالات اكبر، لكن هذا الملف خطير على الاستقرار الداخلي، ووضع مئات آلاف العائلات، خصوصا، مع المعلومات التي تتحدث عن توقف كثير من الكافلين عن دفع الكفالات، وهي ليست بقيمة كبيرة أساسا، اذ ان كفالة الطفل اليتيم او الفقير، تصل الى خمسة وعشرين دينارا، او ثلاثين دينارا، كما ان كفالة العائلة على صعيد تأمينها ببعض ما يلزم، تصل أحيانا الى خمسين دينارا او اكثر.
الذي جرى ان اغلب الكافلين هم من الطبقة الوسطى، من الأردنيين داخل الأردن، ومن المغتربين، وهناك تراجعات اقتصادية، مست دخول كثرة من هؤلاء، او حتى مخاوف من المستقبل، بشأن دخولهم، او تناقصها، او توقفها، مما جعل كثرة منهم، تختصر في النفقات، على صعيد استعمال الموبايل مثلا، او حتى مساعدة عائلة فقيرة، وغير ذلك.
هذا يعني فعليا ان عشرات الاف الكفالات مهددة، وهي دعوة هنا للحكومة لتفتح هذا الملف، وتدعو مديري الجمعيات الخيرية، الى اجتماع لتفهم ماذا يجري، وحجم التراجع في الكفالات، ونقص التمويل، وماذا ستفعل هذه الجمعيات امام هذا الملف، خصوصا، ان هذه الكفالات تساعد جزئيا مئات الاف العائلات، مع المبلغ الذي قد تتلقاه العائلة من التنمية الاجتماعية، او حتى الجيران، او الذين يساعدون العائلات بعيدا عن الجمعيات ؟
من ناحية دينية، فان الخوف على الرزق، حين يؤدي الى قيام الكافل بوقف كفالته، امر يبعث على الحيرة حقا، اذ ان وقف الكفالة هنا، لن يحمي الكافل، بل لربما ستزداد صعوبة الدنيا وضنكها، ومن الثابت هنا، ان الايثار واستمرار كفالة الفقير او اليتيم، هو المفتاح لرحمة الله، فيما حجب الكفالة تحت ذرائع مختلفة، لن يؤدي الى فرج على حياة من أوقف الكفالة، وهذه دعوة هنا، لكل واحد ان لا يوقف كفالته، مهما كان ظرفه، اذ ان بعضنا يعاني ظروفا أسوأ مليون مرة، من الطرف الذي كان يكفله، وتعثر، او حاول تخفيف التزاماته.
أساسا نحن مع مراجعة أسس المعونة الوطنية ومعاييرها، وان نجد حلا لكثير من العائلات لرفع دخلها، بدلا من قصة سقف الحد الأدنى للأجور، وبالتالي تحديد المعونة برقم لا يمكن تجاوزه، واذا كان هناك من ملف حساس ينبغي على الحكومة التنبه له، فهو ملف الامن الاجتماعي، وحاجتنا اليوم الى حلول مختلفة، مع انفجار ارقام الفقر والبطالة، وتعثر الناس، ودون نظام حماية اجتماعي للفقراء والمساكين والايتام والمتعثرين والعاطلين عن العمل، سنعبر نحو مرحلة خطيرة وحساسة على صعيد ملفات الجريمة والتفكك وغير ذلك.
ملف أموال التبرعات للجمعيات الخيرية والكفالات، بحاجة أيضا الى ان يخرج العاملون في هذا القطاع بشكل جماعي، ويعلنوا عن أي ازمة قائمة او متوقعة، وهذا يقول اننا بحاجة الى بيان منهم، او عبر أي شكل من اشكال التعبير عن القصة، حتى لا نصحو مع نهايات العام الحالي، وبعد ان تتكشف حدة المصاعب الاقتصادية، وقد انسحب كفلاء جدد، وتم ترك هذا القطاع وحيدا، بما يعنيه ذلك على حياة مئات الاف الفقراء والايتام والمساكين.
هناك ازمة اجتماعية – سياسية، ازمة الفقر وما ينجم عنها من ظواهر، واذا لم تتحرك الحكومة سريعا، فسنجد انفسنا امام تراجعات كبرى على كل الأصعدة، وهذه ازمة غائبة حاليا عن الحكومة جراء أولوياتها، لكنها حاضرة بقوة وبحاجة الى معالجة مختلفة.