صدى الشعب – كتب: د. عايش النوايسة – خبيرٌ ومستشارٌ تربويٌّ
لا شكَّ أنَّ التربيةَ مسؤوليَّةٌ مشتركةٌ بينَ الجميع، وأنَّ المؤسَّساتِ التربويَّةَ مُفوَّضةٌ من قِبَلِ المجتمعِ لتربيةِ الأبناء. وتُعرَّفُ التربيةُ بأنَّها عمليَّةُ التكيُّفِ أوِ التفاعلِ بينَ المتعلِّم (الفرد) وبيئتِه التي يعيشُ فيها.
فالتربيةُ عمليَّةُ تطبيعٍ اجتماعيٍّ، وتعايُشٍ مع الثقافةِ التي يعيشُها مجتمعٌ معيَّن، يخضعُ لعقيدةٍ محدَّدة، ويعيشُ تحتَ ظروفٍ معيَّنةٍ وفي ظلِّ نظامٍ وحُكمٍ معيَّن. ونتيجةَ هذا التكيُّفِ، تتشكَّلُ وتصقَلُ شخصيَّةُ الفردِ أوِ الإنسان، فتُصبحَ التربيةُ الناتجَ الذي نُشكِّلُ به أنفسَنا. وهذهِ هي الفكرةُ التي جاءت من أجلِها الأسرةُ، وهي عبارةٌ عن مؤسَّسةٍ أنشأها المجتمع، وفوَّضَ إليها تربيةَ الأبناء.
لذا، فإنَّ جوهرَ التربيةِ يعتمدُ على عمليَّةِ التعاونِ من القاعدةِ إلى القمَّةِ، والعكسُ صحيحٌ؛ ففلسفةُ التربيةِ، عمادُ التربيةِ، تُصاغُ في مجتمعٍ ما بطريقةٍ تشاركيَّةٍ توافقيَّةٍ من جميعِ الأطراف، وتكادُ تكونُ الإطارَ المتَّفَقَ عليه من قِبَلِ المجتمع، لتعملَ ضمنَ أطرِه المؤسَّساتُ التربويَّةُ المعنيَّةُ بالتنفيذ (الوزارة).
وعادةً ما تشملُ الأسسُ التربويَّة: الفكريَّة، والوطنيَّة، والقوميَّة، والإنسانيَّة، والاجتماعيَّة، والأهدافَ العامَّة، والغاياتِ الكبرى في التربيةِ والتعليم. وتَشترِكُ المؤسَّساتُ التربويَّةُ في تطويرِ تصوُّرٍ عامٍّ يُعنى بالسياساتِ التربويَّة، من خلالِ تحديدِ مبادئِ النظامِ التربوي، وتوجيهِ هذا النظامِ – بشكلٍ تعاونيٍّ (عامٍّ وخاصٍّ) – للتركيزِ على حاجاتِ الفرد، من خلالِ المواءمةِ بينَ حاجاتِ السوقِ ومُخرَجاتِ العمل (كونَ التربيةِ استثمارًا من المجتمع).
ويَتضمَّنُ التعاونُ بينَ المؤسَّساتِ التربويَّةِ جانبًا هامًّا يتمثَّلُ في التركيزِ على التربيةِ المستدامةِ، الناميةِ، المتطوِّرةِ، المتغيِّرةِ، المتجدِّدةِ، والمُواكِبةِ لروحِ العصرِ ومتطلَّباتِه. لذا، فإنَّ ذلكَ يتطلَّبُ من المؤسَّساتِ التعليميَّةِ التنفيذيَّةِ التركيزَ على توفيرِ فرصٍ متكافئةٍ للوصولِ إلى تعليمٍ يعكسُ واقعَ المجتمعِ وتطوُّرَه.
والتربيةُ عمليَّةٌ فرديَّةٌ وجماعيَّةٌ في آنٍ معًا، إذ إنَّ نطاقَ التربيةِ يَعمَلُ على إعدادِ الفردِ إعدادًا سليمًا، وهي – مع ذلك – تدعو الفردَ لأن يكونَ اجتماعيًّا، متفاعلًا، ومؤثِّرًا في المجتمعِ الذي يعيشُ فيه. فكما أنَّ الإنسانَ مسؤولٌ عن نفسِه، فهو مُطالَبٌ بالانتماءِ إلى الجماعةِ والتفاعلِ معها تفاعُلًا إيجابيًّا.
والتعاونُ اليومَ يشملُ كافَّةَ أُطُرِ التربيةِ بصورةٍ شُموليَّةٍ، وذلكَ تماشيًا مع متطلَّباتِ العصرِ، التي تتطلَّبُ التخصُّصَ والتعاونَ في الوقتِ ذاته. فكلُّ جهةٍ مُناطٌ بها طرفٌ من العمليَّةِ التعليميَّةِ – التعلُّميَّةِ، ولكنَّها تتعاونُ مع الطرفِ الآخرِ في تحسينِ جودةِ تنفيذِ عمليَّاتِ التعليم،
(مثال: المركزُ الوطنيُّ للمناهجِ والاختباراتِ مع وزارةِ التربيةِ والتعليم).