كتب. بشار الجرار
يحبطني، يغيظني وأحيانا يكدّرني عدة ظواهر في إصدار الإشارات والرسائل الإعلامية بشقيه القديم والجديد. يشمل ذلك المحتويين الإيجابي والسلبي وهذا الأخير غير محمود العواقب لأسباب عدة اتضحت جليا في العديد من الانتخابات في العالم ومنها الأمريكية.
الإنسان جبل وفطر على ما يسعده، ما يطمئنه، ما يريحه. وينفر في المقابل من أي إشارة أو رسالة تثير فيه الخوف أو الكراهية. يظن بعض «المنفّرين» أن استخدامهم لما هو سلبي في محتوى إشاراتهم ورسائلهم مفيد في التأليب على الآخر وحشد الموارد وشحذ الهمم ضد الآخر سواء أكان منافسا أم خصما أم عدوا.
أخطّ هذه السطور بعد إرجاء متكرر فرضته عليّ الأمثلة. قد يبدو الموضوع نظريا ما لم يشَر سلفا إلى نماذج توضيحية. أعترف مسبقا بـأنني ولحساسية بعض الأمثلة الحقيقية سأجري بعد التعديلات التي تحتفظ بالحد الأدنى من التوضيح دون إثارة حفيظة أي كان.
لنبدأ بعالم السينما، وهي استثمار وصناعة تأخرنا عنها كثيرا. لكن للأسف تم ترحيل المحتوى ذاتهww من الصحافة التقليدية إلى الإذاعة فالتلفزيون فالسينما. كان من المفترض أن يتم تغيير المحتوى لا مجرد توضيبه ليطرق باب السينما الإقليمية والعالمية.
«فرحة» فيلم فيه كثير من مقومات وملامح النجاح. مجرد تمويله واقتحامه «نيتفليكس» إنجاز كبير. الحملة التي قامت بها إسرائيل ضده من الممكن اعتباره انجازا إضافيا. ولكن الكبيرة وتحتها خط أحمر عريض: ماذا لو تم حذف مشهدين فقط؟ هل ستضعف الرسالة الإعلامية أم سيتم إسقاط ما بيد الطرف الآخر من حجة طعنت في العمل فنيا واتهمته بالتحريض.
فيلم «آلام المسيح» للمخرج العظيم والممثل العالمي ميل غيبسون بطل «بريفهارت»، تعرض لاتهامات بمعاداة السامية لدرجة اختفائه من معروضات معظم الكنائس المسيحية في أمريكا. الخلاف كله كان حول مشهد واحد وإن كانت فكرة الفيلم كله تقوم على تجسيد الآلام بالصوت والصورة والموقف على نحو وصفه منتقدو غيبسون بأنه مفرط في إيذاء مشاعر المشاهدين «توو غرافيك».
هذا فيما يخص الرؤية التاريخية للأحداث كحرب 1948 وصلب السيد المسيح وفقا للإيمان المسيحي. أما في أحداثنا اليومية العابرة، فحدّث ولا حرج عن الكم الهائل من النيران الصديقة والعيارات التي تذهب سدى في السماء وبعضها يعود فيقتل من في جوار مطلقها.
يكون الحدث موضع خلاف أو مثار جدل. مهما كانت القضية محل إجماع لا ننكر وجود أطراف أخرى. المرجو ممن يعمل على «طبخ» الإشارة أو الرسالة الإعلامية ألا يحملها فوق طاقتها. أن تكون الرسالة وبالأحرى الإشارة غير مركّبة. من السهل الممتنع.
يكون الحديث مثلا عن تأهل فريق شقيق كرويا. لماذا يصر البعض على استعداء شقيق آخر؟ ما دخلنا و»التطبيل» لهذا أو الانجرار إلى معارك جانبية بين المضيف والمضاف إليه؟!
في عالم السوشال ميديا المشكلة أكثر تعقيدا. تطمئن للمحتوى الوارد في الفيديو مثلا وتغفل عن تأطيره أو عنوانه فتقع بالمحظور. ناهيك عن التعليقات التي قد تأخذك إلى ما لا تحمد عقباه. وللمتشدقين بحرية التعبير الهلامية، أحيلهم إلى مسؤولي التوظيف في القطاعين العام والخاص الأمريكي بل إلى القائمين على القبول الجامعي وحتى المنح الرياضية! هناك متخصصون في استرجاع منشورات من أيام المراهقة في المدرسة!