صدى الشعب – كتب رولا حبش
في صباحٍ واحد يمكن أن ترى صورتين متناقضتين تمامًا لرجل السير.
في الأولى، رجل يحمل شخص مريض يسير على «ووكر»، يعبر به الشارع بعناية كما لو كان يحمل أبنه . مشهدٌ يُعيد الثقة بإنسانية الإنسان قبل الوظيفة، ويجعلنا نبتسم رغم الزحام وضجيج المدينة.
وفي اليوم نفسه، مشهدٌ آخر يبدّد هذه الثقة: مراقب سير يوقف حركة الشارع كله لأكثر من نصف ساعة لأن أحد السائقين «زمّر» له!
بين الحنان المفرط في الصورة الأولى، والتعنت البارد في الثانية، نكتشف أن السلطة لا تُقاس بالرتبة ولا بالبزّة، بل بما يسكن داخل القلب من ضمير وإنسانية.
من حقّنا أن نسأل: هل هناك رقابة حقيقية على رجال السير؟
هل تتم محاسبة من يسيء استخدام سلطته كما تُحاسِب الناس على مخالفاتهم؟
القانون لا يُصنع ليُخيف، بل ليحمي. وإن غابت الرقابة عن من يُفترض أن يطبق النظام، صار النظام نفسه عشوائيًا.
ما نحتاجه ليس المزيد من الغرامات، بل ثقافة مسؤولية متبادلة، حيث يحاسب المواطن إذا أخطأ، ويحاسب رجل السلطة أيضًا إذا تجاوز حدوده.
رجل السير الذي يحمل إنسانًا مريضًا بيديه يعلّمنا أن النظام لا يتعارض مع الرحمة، بل يبدأ منها.
أما من يتعامل مع صفارته كأنها صولجان قوة، فهو يُفقد الشارع معناه، ويحوّل القانون من مظلة إلى سوط.
في النهاية، نحتاج أن نحتفي بالأول، ونُحاسب الثاني، لأن العدالة لا تقوم على السلطة… بل على الإنسانية التي تملكها السلطة.
من موقف حصل معي ..






